سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
روح قدس النقية تصعد إلى بارئها طبيب العيون الذي عالج الآلاف وشيد أكبر المنجزات الطبية
قضى أكثر من ربع قرن مطبباً العيون
حول مستشفى العيون إلى أحد أكبر المراكز الطبية العربية
انتقل إلى رحمة الله مساء أمس الدكتور عصام بن عمر قدس علامة الطب وأحد كبار جهابذته العرب الذي أحدث نقلة كبرى ونهضة عظمى في مجال طب العيون في الوطن بعد أن أمضى الفقيد الصالح والطبيب الفالح ما يربو على ربع قرن مديراً لمستشفى العيونبجدة في مشوار حافل بالعديد من الإنجازات التي لن تفيها قدرها عشرات المجلدات. بالأمس ترجل الفارس عصام قدس عن جواده وفارق محبيه مرتحلاً إلى الدار الأخرى وسط انهمار سيول من الدمع من آلاف العيون التي طببها وعالجها. وفجر اليوم تقرر أن يصلى على الفقيد الراحل بالحرم المكي الشريف ليوارى بعدها الثرى في مقابر المعلا. هذا وقد فجعت الأوساط المجتمعية بنبأ رحيل قدس الذي طبب آلاف العيون سواء التي في طرفها حور أو التي تعاني من قصر نظر أو عور! وكان الفقيد الخلوق ذا ابتسامة بشوشة ترتسم على محياه دائماً كما كان يولي رحمه الله مرضاه عناية ورعاية كبيرتين ويسهل مراجعات ومهام قاصديه بعد أن ذلل لهم جل المصاعب وألغى العقبات كما كان ذا قلب عطوف على كبار السن والمحتاجين الذين أمن لهم العلاج والدواء بأقل التكاليف نظراً لظروفهم وحاجتهم، لينعكس كل ذلك وأكثر مشاعراً دافئة لدى قاصديه ومعارفه الذين أحبوه أيما حب واحترموه وقدروه وحزنوا كثيراً على العارض المرضي الذي ألزمه السرير الأبيض قبيل وفاته لتتحول غرفته في العناية المركزة بالمستشفى التخصصي بجدة والأروقة المجاورة لها إلى خلية نحل لا تكل ولا تمل وكذا حال هواتف المستشفى ومعارف الفقيد التي تلقت العديد والكثير جداً من اتصالات المستفسرين وزيارات المحبين والتي انتهت دائماً بابتهالات للمولى جل وعلا ودعوات للفقيد وكذا كان حالهم بعد أن تنامى إلى مسامعهم نبأ رحيله لتخنقهم العبرات وتنهمر من أعينهم الدمعات وترتفع أيديهم إلى بارئ السموات بعد أن نطقت أفواههم بالدعوات والترحمات على الفقيد صاحب الإنجازات. وكان الدكتور عصام قدس قد تولى إدارة مستشفى العيونبجدة عام 1405ه بعد أن أنشئ المستشفى في بدايته كعيادة عيون في مستشفى جدة المركزي في باب شريف في الستينيات من القرن الماضي، وفي عام 1370ه وبتوجيهات من ولي الأمر كانت البداية لإنشاء أول مستشفى تخصصي حكومي في مجال طب وجراحة العيون سُمّي بمستشفى الرمد ليواجه أمراض العيون الشائعة في ذلك الوقت مثل الرمد الصديدي، والتراكومان والماء الأبيض(الكتاراكت)، والماء الأزرق (الجلوكوما). وجاءت حكمة القائد بالتوجه لإنشاء هذا المرفق الهام للوقوف أمام قسوة هذه الأمراض على الفرد والمجتمع، وكانت البداية كمستشفى تخصصي بحي البغدادية وبسعة 20 سريرًا، وانتقل بعدها المستشفى حوالى عام 1374ه إلى حي الكندرة والذي استمر به حوالى 10 سنوات، ثم انتقل إلى حي مشرفة في شارع المكرونة، وكانت نقلة نوعية وكمية الخدمات المقدمة ودخل خلالها الميكروسكوب الجراحي وزاد عدد العيادات والأسرّة والأطباء والأجهزة التشخيصية، واستمر العمل بهذا الموقع حتى انتقل إلى موقعه الحالي عام 1409ه، وكان للدكتور عصام قدس دور كبير في الارتقاء بالخدمات الصحية في المستشفى إلى حد بات يضاهى أكبر وأحدث وأرقى مراكز طب العيون في العالم بعد أن استحدث العديد من الآليات والأقسام الحديثة وجلب العديد من الأجهزة الطبية العالمية المعاصرة ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أحدث قفزة طبية في مجال طب العيون باستخدامه الميكرسكوب الجراحي، وإدخال الليزر بأنواعه إضافة إلى دقة الخيوط الجراحية الدقيقة، والعدسات اللاصقة، والعدسات الصناعية داخل العين، والأشعة فوق الصوتية في التشخيص، والألياف البصرية، والأجهزة الإلكترونية لقياس قوة البصر والعدسات المطلوبة، كما كان لعلاقاته الاجتماعية الجبارة دور كبير في ضخ الأموال التي تبرع بها رجال الأعمال والمجتمع للمستشفى الذي صار أحد أكبر وأحدث مراكز طب العيون في الشرق الأوسط. وبعبرة وحزن كبيرين تحدث وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي الدكتور يعقوب المزروعي مقدماً العزاء لذوي الفقيد ومعارفه ومرضاه وللوسط الطبي والصحي في المملكة كون أن خسارة قامة شاهقة بحجم الدكتور عصام قدس تعتبر خسارة كبرى نتقبلها بقلوب مؤمنة حزينة على رحيل الرجل الموفق صاحب الإنجازات الكبرى في مجال طب العيون والذي أحدث نقلة كبرى في عمليات زراعة القرنية والذي يعتبر مرجعاً لطب العيون في الشرق الأوسط. في حين رفض الدكتور سامي باداود مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة أن تقتصر إنجازات الفقيد على مستشفى العيونبجدة مشدداً على أن وزارة الصحة السعودية تشهد على إسهامات الفقيد الراحل الذي أسهم بضراوة في دفع عجلة التنمية الوطنية في المجال الصحي على العديد من الأصعدة والأوجه سائلاً المولى عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يجعل ما قدمه من أعمال جليلة وإنجازات عظيمة في ميزان حسناته. ويوافقه الرأي الدكتور عبدالرحمن خياط مدير الشؤون الصحية الأسبق بمحافظة جدة الذي شدد على الخدمات الجليلة التي قدمها الفقيد للقطاع الصحي الوطني بحكم علاقاته الاجتماعية الجبارة التي أسهم من خلالها في تجهيز المستشفى بأحدث التقنيات وجلب التبرعات لتوسعة وتشييد وتجهيز مرافق المستشفى الذي أصبح أحدث مراكز طب العيون في الوطن العربي. وعلى ذات الصعيد فقد تجلى الحزن على محيا مدير مستشفى العيون الحالي الدكتور سالم باحطاب الذي تحدث والعبرة تخنقه عن الفقيد مستذكراً السنوات العشر التي جمعته به والتي كان فيها أباً وأخاً أكبر لجميع كادر المستشفى الذين عاملهم بلطف ونبل ولم يسيء لأي منهم طوال مشواره الطويل معهم والذي شيد خلاله هذا الصرح الطبي الشامخ.