أكد معالي وزير البترول والثروة المعدنية رئيس مجلس أمناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي مع دخول جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عامها الرابع أن الجامعة تسارع الخطى بثبات وعزيمة حرصاً منها على مواكبة رؤية خادم الحرمين الشريفين الكريمة في إنشاء بيت جديد للحكمة يعود بالنفع على شعب المملكة العربية السعودية وشعوب العالم أجمع، يتم تأسيسه على المبادئ السامية الهادفة لإحياء وتجسيد ونشر فضيلة التّعلم والبحث العلمي. وأوضح معاليه أن الجامعة أصبحت خلال فترة قياسية واقعاً وكياناً علمياً مرموقاً له سمعة وحضور وتأثير في مجالات الأبحاث والعلوم، وذلك استناداً إلى مستواها الأكاديمي، ومخرجاتها العلمية والبحثية، وكذلك مكتسباتها من هيئة تدريس وباحثين وخريجين يتمتعون بالمواهب العالية ويتميزون على الصعيدين العملي والعلمي محلياً وعالمياً. وأفاد أن الجامعة تهتم في أعمالها البحثية والتعليمية بتسخير العلم والتقنية لخير البشرية وتلبية احتياجات المجتمع والنهوض به، وذلك بالتركيز على أربعة محاور أساسية هي: الماء، والغذاء، والطاقة، والبيئة. كما أنها تقوم بجهود حثيثة للإسهام في تعزيز الاقتصاد الوطني ودعم انتقاله إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وإلى تكريس الإمكانات لاستقطاب وتعليم الموهوبين والموهوبات من أبناء الوطن، حيث أسست الجامعة بيئة تعاونية على المستوى المحلي مع كثير من الجامعات والمؤسسات التعليمة والبحثية السعودية، كما تقوم باستقطاب المحاضرين والمعيدين المرشحين من الجامعات السعودية لإكمال دراستهم العليا في الجامعة بهدف المساهمة في الارتقاء بالعلم والبحث وتطوير المهارات الواعدة في مملكتنا الحبيبة. كما سلط رئيس مجلس أمناء الجامعة الضوء على أبرز ما حققته الجامعة منذ افتتاحها قبل ثلاثة أعوام والتي من أهمها نشر ما يربو على (1300) بحث علمي في الدوريات العالمية التخصصية المحكمة ذات التأثير والجودة والسمعة العلمية العالية، بالإضافة إلى تقديم الجامعة طلب براءة اختراع لما يزيد على (160) كشف اختراع في مجالات الطاقة الشمسية والمتجددة والأنظمة الكهربائية والميكانيكية عالية الدقة، والمحفزات الكيميائية، وتقنيات البيئة والمياه، والأغشية المتقدمة والمواد المسامية.ووفقاً للإجراءات المعمول بها عالمياً، فإن عملية تسجيل الاختراع وتقديم الطلب يتبعها إجراءات منح البراءة التي قد تستغرق عادة ما يزيد على الثلاثة أعوام. وبين معالي وزير البترول والثروة المعدنية أنه قد تم تأسيس (9) من المراكز البحثية الاستراتيجية، و(6) من المختبرات الأساسية، وما يزيد على (30) من المعامل الرئيسة المتخصصة، وعدد من المرافق المساندة والورش الفنية وذلك لدفع مسيرة البحث العلمي ضمن إطار المحاور الأساسية البحثية الأربعة للجامعة، فقد قامت الجامعة بإنشاء مركز تحلية وإعادة استخدام المياه، ومركز أبحاث هندسة الطاقة الشمسية والخلايا الضوئية، ومركز أبحاث إجهاد النبات الجينومية، ومركز التحفيز الكيميائي، ومركز النمذجة الهندسية والتصوير العلمي، ومركز أبحاث البحر الأحمر، ومركز الأغشية المتقدمة والمواد المسامية، ومركز العلوم الحيوية الحاسوبية، ومركز أبحاث الاحتراق النظيف. وتضم المختبرات كذلك مختبر الحوسبة المتقدمة (شاهين)، ومختبر أبحاث الموارد البحرية والساحلية، ومختبر التصور وتحديد الخصائص، ومختبر العلوم الحيوية والهندسة الحيوية، ومختبر التصنيع النانومتري المتقدم، هذا بالإضافة لمرافق الحوسبة العميقة والحوسبة الفائقة، وقد تم اختيار مراكز الأبحاث والمختبرات هذه لأهميتها في تقدم المعارف الأساسية في العلوم والهندسة، وصلتها بالصناعات القائمة في المملكة، ولمساهمتها في تطوير الصناعات المستقبلية القائمة على المعرفة. وذكر معاليه أن من أهم المبادرات البحثية الاستراتيجية للجامعة مبادرة أبحاث الزراعة الصحراوية والتي تهدف لإنتاج الغذاء في بيئة صحراوية ساحلية باستخدام مياه البحر والطاقة الشمسية ، وتكمن أهمية هذه المبادرة في كونها عمل تكثف فيه الجهود العلمية والهندسية المتقدمة لهدف سامٍ يتمثل في الإسهام في سد مطالب الإنسان واحتياجاته الغذائية، حيث يسعى العلماء من خلال هذه المبادرة إلى دراسة فصائل جديدة من النبات تستطيع النمو في البيئات شديدة القسوة بينما يستنبط المهندسون حلولا مبتكرة لإنتاجها بكفاءة مستخدمين في ذلك مياه البحر والطاقة الشمسية. وفي مجال الأبحاث التعاونية فقد شاركت الجامعة فيما يزيد على (40) مشروعاً بحثياً يتم تمويلها من القطاع الصناعي، والمنظمات البحثية، وبعض الوزارات، مثل وزارة الزراعة. كما قامت الجامعة، وبالتعاون مع العديد من الجهات البحثية والأكاديمية الوطنية والعالمية، برحلات بحرية بحثية متعددة المراحل لتغطية جميع المياه الإقليمية السعودية في البحر الأحمر، الذي ورغم خصائصه التي يتفرد بها يعد أقل بحار العالم دراسة وفهماً. وألمح معاليه إلى الاهتمام العلمي المتصاعد في هذه الرحلات وبما ينشر من نتائجها في المحافل العلمية بأنها تجسر هوة كبيرة بين ما يتوفر في الواقع من معرفة ومعلومات عن بيئة البحر الأحمر، وما تتطلع الجهات العلمية ذات العلاقة بالدراسات البحرية لتحقيقه، فبالإضافة إلى الأبحاث والاتفاقيات التي تهدف إلى رفع مستوى التنمية المستدامة في مجال الثروة السمكية وحماية الشعب المرجانية بغرض الاستثمار في البيئة البحرية وتطويرها والمحافظة عليها، فإن من أهم أبحاث الجامعة التي لاقت اهتماما علمياً عالمياً هي تلك المختصة بدراسة البرك الملحية المغمورة، حيث كان للجامعة السبق في أخذ عينات ميكروبية من اثنين منها لأول مرة على الإطلاق، والتي تبشر الدراسات الأولية عليها باحتوائها على خصائص نادرة ذات استخدامات علاجية واعدة. أما فيما يخص التنمية الاقتصادية، فقد أشار معالي وزير البترول والثروة المعدينة إلى قيام الجامعة بعدة مبادرات تهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني من خلال الشراكات مع القطاع الصناعي والخاص للمساهمة في إنشاء صناعات ومشروعات عديدة قائمة على المعرفة، وإثراء مسيرة البحث العلمي، وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي ، ومن أهمها إنشاء مجمع الابتكار ومدينة الأبحاث، حيث يوفر مجمع الابتكار حيزاً للشركات الناشئة والعريقة على حد سواء للقيام بالأبحاث المتعلقة بتطوير منتجاتها، بالتعاون الوثيق مع أساتذة وباحثي وطلبة الجامعة. أما مدينة الأبحاث، والتي خصص لها 3 ملايين متر مربع داخل حرم الجامعة، فتهدف إلى إقامة مراكز أبحاث متكاملة خاصة بالشركات الصناعية الرائدة في المجالات البحثية المحورية للجامعة. وقد تم توقيع اتفاقيات مع كلٍ من شركة سابك، وداو كيميكالز، وأرامكو السعودية لتأسيس مراكز بحثية خاصة بها في هذه المدينة، كما تم البدء فعلياً في بناء هذه المراكز. كما قامت الجامعة أيضاً بوضع برنامج التعاون الصناعي والذي يهدف إلى توطيد العلاقة بين الجامعة والقطاع الصناعي، وزيادة فرص تحويل الاكتشافات والاختراعات إلى تطبيقات عملية، وتطوير فرص الأبحاث والأعمال التعاونية. وقد تم استقطاب ما يزيد على (30) شريكاً صناعياً في هذا البرنامج يمثلون شركات عالمية ووطنية رائدة في مجالات الطاقة والبيئة والماء والغذاء. وإيماناً من الشركاء الصناعيين بدور البحث العلمي في تطوير قدراتهم التنافسية، فقد قامت هذه الشركات بتوقيع 21 اتفاقية بحثية مختلفة، كما التزم عدد منها بدعم ورعاية الأبحاث، والكراسي العلمية، والبرامج المختلفة. وأفاد معاليه أن الجامعة قد استقطبت ما يقارب (600) عالم من أعضاء هيئة التدريس والباحثين ذوي الكفاءات والتميز العلمي العالمي، كما التحق بها ما يقارب (200 ر1 ) طالب وطالبة من ذوي الكفاءات العلمية المتميزة في مجالات العلوم والهندسة التي تختص بها الجامعة. وقد تم- بتوفيق من الله- تخريج (450) طالباً وطالبة بدرجة الماجستير من الجامعة،وذلك في دفعتين، وبنهاية هذا الفصل الدراسي، سيتم تخريج الدفعة الثالثة من الخريجين وسيكون من ضمنها - بإذن الله- أول مجموعة من خريجي الجامعة من حملة درجة الدكتوراه. أما فيما يخص الاستثمار في المواهب الوطنية، فقد تم إطلاق العديد من المبادرات وأهمها البرامج المتخصصة لاستقطاب الطلبة السعوديين المتفوقين من جميع جامعات المملكة العربية السعودية، ومن طلبة برنامج خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث الخارجي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، إضافة للبرامج التطويرية المختلفة مثل برامج اللغة الإنجليزية لضمان جاهزيتهم. وقد نتج عن هذه الجهود ارتفاع نسبة الطلبة السعوديين إلى 40% من مجموع الطلبة الذين تم إلحاقهم بالجامعة للعام الدراسي 2012م. كما يعد برنامج جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية للطلاب الموهوبين من أهم المبادرات الاستثمارية طويلة المدى، حيث نسقت الجامعة مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) وكذلك وزارة التعليم العالي لاختيار الطلاب السعوديين المتميزين أكاديمياً لابتعاثهم ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، حيث تقوم الجامعة بمساندتهم لمواصلة دراستهم الجامعية في أفضل الجامعات المرموقة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، تمهيداً لإلحاقهم بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لإكمال دراستهم العليا. كما أنشأت الجامعة المعهد السعودي للعلوم البحثية، وهو برنامج تعليمي تدريبي صيفي، يقام بالتعاون بين الجامعة، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، وشركة أرامكو السعودية، ومركز التميز التعليمي بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. ويهدف البرنامج إلى إتاحة الفرصة لطلاب المرحلة الثانوية المتميزين أكاديمياً للمشاركة في أبحاث حقيقية على مستوى الدراسة الجامعية، وذلك لتوفير بيئة تفاعلية تتيح التواصل الفعّال بين المتميزين وعلماء الجامعة ليكونوا - بإذن الله - علماء المستقبل من أبناء وبنات هذا الوطن، حيث تخرج من البرنامج حتى الآن أكثر من 60 طالبا وطالبة. وقد حصل - بفضل من الله - تسعة من دفعة الخريجين الأولى لبرنامج المعهد السعودي للعلوم البحثية على المراكز الأولى في مسابقات الأولمبياد الوطنية لعام2011، ومثل ثلاثة من دفعة الخريجين الأولى للبرنامج المملكة العربية السعودية في مسابقة إنتل أسيف العالمية، كما حقق جميعهم الفوز في هذه المسابقة، والتي تعد من أكبر وأهم المسابقات العلمية العالمية لمرحلة ما قبل الجامعة. كما تقوم الجامعة من خلال برنامج تبني العقول الوطنية، وبالتعاون مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، بتقديم برنامج تدريبي للطلبة السعوديين المشاركين في الأولمبياد العلمية العالمية للكيمياء، وذلك في رحاب الجامعة من قبل أعضاء هيئتها التعليمية، مما يتيح للمتدربين العمل في معامل الجامعة والاستفادة من مواردها. وفي الختام أكد معالي وزير البترول والثروة المعدنية رئيس مجلس الأمناء أن الجامعة استطاعت، بفضل من الله، ودعم من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وضع البنية الأساسية لبيئة علمية بحثية عالمية مميزة، في مدينة جامعية متكاملة، بمرافق ذات طراز يجسد أعلى المواصفات والمقاييس العالمية، وكوادر وكفاءات رائدة، مع اهتمام برعاية المواهب الوطنية وتطويرها. وأن تحقيق رسالة الجامعة النبيلة لخدمة المملكة العربية السعودية والإنسانية جمعاء سيتطلب الاستمرار في العمل الجاد الدؤوب، مع العزيمة والصبر. فالأبحاث العلمية تستغرق أعواماً عديدة حتى تصبح اكتشافات واختراعات ذات جودة علمية وقيمة اقتصادية، والجامعة تعد منارة للعلم تدعم الاقتصاد المعرفي في المملكة وتسهم في دعم التنمية، وتحقيق الرخاء والرفاهية وذك في إطار رؤية وتوقعات مؤسسها حفظه الله ورعاه.