الأقدمون كانوا أكثر تعقلاً وذكاء ويتميزون بقدرات وخبرات وتجارب لم يتعلموها من جامعات عريقة ومشهورة أو بالدراسة أو الالتحاق بمعاهد أو مدارس أو محافل ومناهل أكاديمية تقدم الثقافة والعلم والفلسفة التي تليق بالمجتمعات وعصور البشر خلال انماط وحقب الحياة والازمنة المتواجدين بها وعاشوها بحلوها وقسوتها , لم تكن سبل تأمين الطعام سهلة المنال أو دور السكن عالية البنيان وذات رفاهية ونضارة أو شوارع ومدن متسعة مضاءة وبطرق معبدة وسريعة وخدمات سخرت لبني البشر ، كما نحن ننعم فيه بوقتنا الحاضر وعالمنا المتطور والمزخرف وثرواته وعجرفة ونظرة وأحلام وتطلعات أهله بالعجيب والغريب والدخيل عليهم. فأصحاب الشموخ والاصالة تمكنوا بالصبر والقناعة التكيف ومسايرة الأيام والسنين راضين مدعمين بقوة إيمانهم بالله ومتسلحين بعزائم رجولية تنم عن شجاعة وبطولة وملكة فكرية ثاقبة. عرفوا حقيقة الحياة , ولِمَ هم خلقوا فيها , ادركوا المبادئ الإنسانية السامية واستلهموها من دينهم ورسالة نبيهم صلى الله عليه وسلم , بحبهم الحقيقي الصادق له عليه الصلاة والسلام واتباع امره وتطبيق شرعه الذي هو دستور ومنهج ان طبقوه ما ضعفوا أو هزموا أو ضلوا أبداً لانها إرادة خالقهم العظيم .. كانت حيويتهم ونشاطهم مفعماً بالجدية , وأداء الأعمال أهم غاياتهم , يقدسونه ويسعون لانجازه باتقان وإخلاص , لا يبالون بالعناء والمشقة والطاقة البدنية لتنفيذها. فدنياهم بالمثابة لهم اليوم وعليهم ان يستفيدوا منه تعلماً ومهنة جديدة أو صنعة تضفي عليهم رزقاً أوسع وزيادة مدخولهم المادي يستعينون به لإسعاد أسرهم وان فاض جزء منه جمعوه وادخروه للنوائب والشدائد لمواجهتها اذا عصفت وشعروا بدنوها عندها لن يهابوها لانهم توقعوا حدوثها. سيتجاوزونها بحكمتهم وتدبرهم. لقد احطاطوا وتنبأوا بالعواقب وتقلبات الاجواء والتغيرات الطارئة وتداول الأيام ومحال ديمومتها أو استقرارها فهي متقلبة لذا استلزم توخي الحذر وتجنب المكروه واضراره متعددة الوسائل والكفيلة لكى يجتازوا المحن باريحية وهدوء ورزانة ولتمخر السفينة بربانها وتصل شواطىء الأمان والسلامة. استنبط وادرك هؤلاء الآنام من الأمس الماضي الفطنة والخبرة وحسن التصرف الصائب . لم يهربوا أو يعزفوا وقالوا ليغور الزمن ويلقوا بمسئولياتهم وواجباتهم ليحملوها سواهم متذرعين بحجج وظنون يتخيلونها وينسجونها ويسندونها للواقع وليضفوا للحياة التعقيد والبلبلة فتعم الفوضى ويحتار بنو البشر وتوأد مقدرتهم على التفكير . هذا حاضر الكثير من أمم وشعوب العالم اليوم الهروب بداعٍ أو بدون من كل شيء لانهم لم يتعلموا من الأمس ويستحوذوا الخبرة منه وأيضاً يروه برؤية ويستنتجون وينالون العبرة والعظة والتحرص من يومهم الذي ما زال بأيديهم زمامه.