فيما انصرم من أيام هذا الشهر من كل عام دأبت المجتمعات الاسلامية في شتى أقطار الأرض على ان تشيع بين ظهرانينها معالم الفرح حيث تجدهم يؤثرون اقتناء الكثير من المقتنيات الجديدة ويرتدون تلك الحلل القشيبة ويتوجهون الى بيوت الله لأداء الصلاة فيها وذلك احتفاءً بمناسبة اسلامية شرعها دين الاسلام لأمة الاسلام وهي عيد الفطر اذ يشرع لكافة المجتمعات الاسلامية ان يفرحوا فيه ويشيعوا الفرحة في قلوب اطفالهم واخوانهم المسلمين وأن يفرحوا فيه اعترافا بفضل الله عليهم اذ من عليهم باتمام الركن الثالث من أركان الاسلام وهو صوم رمضان هذا الشهر الذي فضله رب العالمين على سائر الشهور لما فيه من المكرمات الالهية وليلة فيه بألف شهر وهي ليلة القدر وهو شهر يكاد ان يكون مدرسة يتلقى في رحابها كل مسلم ابجديات الزهد والورع وتستيقظ في أيامه روح التنافس على الالتزام بميثاق إيماني وهو طاعة الله فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر وعبادة الخالق على النحو الذي شرعه من عبادات منها قولية وذروة سنامها (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) وعبادات عملية وهي اقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام وبهذه الأركان الخمسة يقوم دين الاسلام. فهنيئا لأمة الاسلام هذا العطاء الذي لاينفك تثقل به الموازين بأداء كل ركن فيه وهكذا تظل تدور عجلة الزمن ولاتنفك تتجدد مواسم الحصاد فغداً فرصة تلوح لكل من ينضوون تحت راية الاسلام لأداء الركن الخامس من أركان الدين الذي ارتضاه لهم رب العالمين وهوحج بيت الله الحرام لمن استطاع اليه سبيلا فياباغي الخير أقبل فغداً يوم التنافس وأبشر بنيل جائزة الرحمن وهي مابشر به رسول رب العالمين في قوله صلى الله عليه وسلم (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) أو كما قال فهو حينما يدرك مسلمو هذا الزمان مكاسب هذه الرحلة تظل القلوب الطاهرة تتلهف شوقا وتحنانا وتلح النفوس المؤمنة رغبة فيها وما ذلك إلا لأن هذه الرحلة ينال فيها المؤمن جائزة إلهية يضمن بها تحقيق سعادة الدارين انها رحلة (الحج) فهو حينما يأتي المسلم من بلاده البعيدة وقد حمل على كاهله ماتنوء بثقل حمله الجبال من الذنوب والأوزار وقد اذعن لأمرالله (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ... الآية) هناك ترى المسلم وقد طفق يهرع إلى ربه إلى ان يصل إلى بيت الله الحرام ولسانه وقلبه وجميع جوارحه لاتفتأ عن ذكر الله (لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك) انه الاعتراف الحقيقي بالعبودية لله واليقين الصادق بألوهية الله لاشريك له هنالك يلامس شغاف القلوب رجاء يقينى برحمة الله ويخالج النفوس المذنبة اعتقاد أزلي بقبول الخالق للتوبة فتدغدغ النفوس الآمال بنيل تلكم الجائزة الإلهية التي أعدها الله للجديرين بألفوز بها في هذا المضمار من امة محمد الذي ما كان لينطق عن الهوى فهو صلى الله عليه وسلم لم يكن ليتحدث الا بما أوحي إليه من ربه عز وجل فلقد بشر بهذه الجائزة الإلهية وهي الورود إلى الجنة بغير حساب وهوقوله (صلى الله عليه وسلم من حج ولم يفسق ولم يرفث رجع كما ولدته امه ) وقد اشترط في ذلك بر الحج وهوقوله : ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة اوكما قال) وهذا يكفي فهو حري بأن يكون توجيها لمن قام بهذه الرحلة الإيمانية بأن يداوم على الطاعة لله وينأى بنفسه عن طرق الضلال فيا لهذه الجائزة السخية التي وعد الله بها هذا الرعيل من المسلمين الذين يرجون رحمة ربهم ويخشون عذابه أفلا تستحق هذه الجائزة الافتداء بالنفس والنفيس ؟. وهل لاتخفق قلوب المسلمين لهذه الرحلة الايمانية لنيل تلك الجائزة الربانية لذلك فهناك أخذ يظهر في الأفق من وطدوا العزم على القيام بهذه الرحلة الايمانية التي سيحين ميقاتها الزماني عند ظهورهلال أول شهور الحجة هنالك تجد القاصدين لهذه الديارالمقدسة وقد طفقوا يتسابقون على انجاز اجراءات سفرهم من لدن سلطات دولهم حتى اذا ما حان موعد سفرهم يشرعون في اعداد أمتعتهم وحزم حقائبهم ويذهبون ليستقلوا الوسيلة التي ستنقلهم من دولهم سواء بالطائرات أو السفن أو السيارات حتى اذا ما حط بهم الرحال في محطات الوصول وهي منافذ المملكة الجوية أو البحرية أو البرية هنالك يتم توجيههم للأراضي المقدسة (مكة فالمشاعر حيث هناك سيجدون الاستعدادات الجبارة والامكانات التي توفرها حكومة المملكة العربية السعودية. فلقد دأبت حكومة هذه الدولة أيدها الله منذ بدايتها الأولى حين ارتكز حكمها على نهج الاسلام الذي اتخذه المؤسس الملك عبدالعزيزبن عبدالرحمن آل سعود منهجا فظلت المملكة تسير في عهده وفق سياسة اسلامية صحيحة لهذا كان يولي اهتمامه بشؤون الاسلام والمسلمين اينما وجدوا على هذه الأرض فلقد ظل هاجسه رحمه الله بلوغ غاية بلغها وهي اعانة المسلمين على اداء شعائر دينهم حيث انصب اهتمامه في بناء وتعمير المساجد وتذليل صعوبات الطرق بتوجيه أوامره بتعبيدها لتيسير وتأمين قدوم القاصدين لحج بيت الله فلقد كان هذا الاهتمام ديدنه حتى توفي رحمه الله فظل هذا النهج ارث هداية ورشداً توارثه ابناؤه من بعده اذ ظل ابناؤه الملوك يقتدون به والذين حملوا من بعده امانة مقاليد حكم البلاد رحمهم الله ملكا اثر ملك وعهدا بعد عهد حتى ان انبلج فجر هذا العهد الزاهر الذي يمسك بمقاليد حكم هذا الوطن الشامخ ملك يتربع على عرش قلوب شعبه وأمته ووالٍ مسلم ترفع عن التفاخر والتباهي بألفاظ العظمة وفضل بأن يكون خادما للحرمين الشريفين انه موئل الانسانية (عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله) فهو بالانضواء تحت لوائه تحققت لهذه الأمة غاياتها ورفرفت خفاقة راياتها) لذلك لاينفك وجدانه الراقي من البغضاء يأنف فهو من حمل على عاتقة اداء رسالة رأب صدع المسلمين امتثالا لقول رب العالمين (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا) فهو قد دأبت نفسه الأبية هنا وهناك تعطف فلقد امتدت يده البيضاء بالعطاء لمن المت بهم بوائق الدهر حتى ولو كانوا في أقاصي الأرض امتثالاً لأمر الهي (وتعاونوا على البر والتقوى.. الآية) هذا بجانب اهتمامه الذي يوليه بشئون وطنه فهو لم يدخر وسعا ولم يأل جهدا في سبيل الارتقاء بمكانة شعبه ووطنه وأدل شيء هذه الانجازات التي ستظل شاهدة على اعماله هذا الى جانب اهتمامه البالغ بالمقدسات الذي يؤكد مدى اهتمامه بالمسلمين فتلك المشاريع العملاقة التي نالت منها أم القرى الحظ الأوفر فهناك تجري أكبر توسعة للحرمين الشريفين كما أن هناك برزت اروع الانجازات من اشادة لبنيان جسر الجمرات وتأسيس محطات قطار المشاعر وبناء أبراج سكنية فوق سفوح جبال منى وهذه انحاء مكة التي اتسعت فيها مساحة العمران حتى أصبحت تعج بالعمائر الشاهقة والمباني الحديثة لتستوعب هذه الملايين القادمة من مشارق الأرض ومغاربها من حجاج ومعتمرين ويقيني أن كل هذا ما كان ليرى النور مالم تكن قدسية هذه البلاد تحتل مكانتها من قلب هذا الملك الصالح بجانب ماتحظى به من رعاية واهتمام بالغين هذا بجانب انه استطاع ان يسير بها لمدارج الرقي اذ شرع أبوابها الموصدة مسئول عبقري يستبد بقلبه حبها فهو أمير أحلامها انه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أميرها وراعي شئون ساكنيها وهوالذي يحمل على عاتقه مسئولية رئاسة لجنة الحج فسموه لا يبرح يعمل من أجلها بكل همة واقتدار ليرسخ ثقل هذه الرقعة الطاهرة وليرسم استراتيجيتها في جغرافية العصر لذلك تراه لايفتأ يبذل اقصى الجهود من أجل تنظيم مرافقها ويسخى بفكره الخلاق من أجل أن يرتقي بوعي أبناء وطنه لذلك رأى سموه حتمية ترسيخ قاعدة شرعية وهي وجوب الالتزام بأوامر ولي أمر المسلمين لهذا اطلق شعارا عصريا وهو:-( لاحج من غير تصريح) ولقد جاء هذا الشعار في زمن ستظل تتضاعف فيه اعداد القادمين لأداء فريضة الحج سواء من أنحاء المملكة او المجتمعات المسلمة بأنحاء العالم فقد كان لهذا الشعار اثره البالغ لذلك ما ان تظهر طلائع الحجيج وتتقاطر القوافل متوجهة صوب هذه البلاد حتى يتأهب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو سيدي الأمير سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزيرالدفاع لقيادة مسيرة الحج لذلك فلا يدخران وسعا في اصدار توجيهاتهما للأخذ بالأسباب لاعداد الجاهزية الشاملة لكافة مرافق الدولة وذلك ليهنأ حجاج بيت الله بأداء مناسكهم في يسر وسهولة فلقد دأبا حفظهما الله على قيادة هذه المسيرة المباركة وسيشد من ازرهم رجالاتهم القياديون المخلصون ليتسنى لحجاج بيت الله أداء مناسكهم في يسر وسهولة وعين الله ترعاهم في افياء امن وارف الظلال يظل يقف وراء استتبابه رجل الأمن الأول صاحب السموالأمير أحمد بن عبدالعزيز وزيرالداخلية ويساعده نائبه صاحب السمو الأميرمحمد بن نايف وهو ذاك الغضنفر من ذاك العرين هذا فضلا عما تظل تسخره الدولة ايدها الله من استعدادات جبارة وامكانات متفردة فهذه انحاء مكة التي اتسعت فيها مساحة العمران حتى أصبحت تعج بالعمائر الشاهقة والمباني الحديثة لتستوعب هذه الملايين القادمة من مشارق الأرض ومغاربها من الحجاج. وهناك أبناء البلاد الذين يتسابقون على خدمة الوافدين لهذه البلاد وهناك الأسواق والمراكز التجارية التي تعج بأندر السلع والبضائع وقبل كل هذا وذاك في هذه البلاد المقدسة اقتضت مشيئة الله ان يبنى فيها بيته وهو الكعبة المشرفة التي تتلهف قلوب المؤمنين شوقا لرؤيتها ليطوفوا حولها والملائكة تحفهم انها في أم القرى التي أطعم الله أهلها من جوع وآمنهم من خوف وجعل أفئدة من الناس تهوي اليها فهاهم بالأمس كانوا ضيوف الرحمن يعتمرون وقد حظوا بكل أسباب الرفادة والوفادة وغداً ستقدم حشود هائلة من ضيوف الرحمن لحج بيت الله حيث يجدون كل ما يسرته لهم هذه الدولة الاسلامية من أسباب الراحة والأمن والاستقرار لذلك ما ان تلوح طلائع الحجاج تتوافد حتى ترى هذه البلاد وأهلها قد اخذوا بكل أسباب الاستعداد لاستقبال ضيوف الرحمن فلا تلبث ان تتحول المرافق الحكومية المشاركة في هذه المهمة الإيمانية الى ورش عمل فتشارك بكل إمكانياتها وطاقاتها البشرية وفي عداد ذلك مقام وزارة الحج وهي المرفق الحيوي الهام الذي يمسك بدفة تسييرها معالي الوزير الدكتور (بندرالحجار) ورجال وزارته المخلصون فهم يوكل إليهم مهمة التوجيه والاشراف على أداء جهات خدمية تعول عليهم الدولة بالقيام بخدمة حجاج بيت الله حيث تضطلع بمهام هذه الخدمات الجليلة مؤسسة أرباب الطوائف التي يندرج في هرمها مؤسسات أهلية تشرفت بنيل ثقة حماة هذا الوطن وهم ست مؤسسات تتولى كل مؤسسة خدمة الفئات الموكل اليها خدمتها حيث ينطلق اداؤها كمنظومة حبات عقد فريد يتوهج بين حباته بريق ايقونة تشع تألقا وشهرة انها المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج دول جنوب آسيا فهناك ما ان تطأ اقدام القادم لهذه البلاد ويقف أمام بابها حتى تعقد الدهشة حاجبيه ويعجز لسانه عن وصف مايراه وتستحوذ البهجة على مجامع قلبه فهذا البنيان الذي يعانق حبيبتي الناظر اليه يترجم فلسفة الهندسة المعمارية وقد تلألأت ارجاؤه ضياء ليكشف عن حركة دؤوبة ورجال يتفصد من فوق جباههم عرق الجهد انهم المجندون لخدمة حجاج هذه الطائفة وهم الذين يشكلون مجلس ادارة هذه المؤسسة وفي مقدمتهم ابن الطائفة البار رئيس مجلس ادارة المؤسسة سعادة الدكتور عدنان محمد امين كاتب هذا الرجل الذي لايفتأ يسخى بعصارة فكره ولا يبخل ببذل أقصى جهوده للارتقاء بمستوى اداء هذه المؤسسة فهو المطوف الذي لم يكن ليرى غضاضة قط في ان يجافي انعم لحظات راحته ليتفرغ لخدمة حجاجه الذين يبلغ تعدادهم زهاء نصف مليون حاج يقدمون من جنوب قارة آسيا وبعض من مواطني دول الخليج والعمالات المقيمة فيها اذ ينطلق الأداء من خلال مكاتب ميدانية يتولى ادارتها الميدانية نخب متمرسة في خدمة الحجيج من ابناء مهنة الطوافة ومتخصصون في مجال خدمة الحجاج من فرق اسكان في مكة واسكان بالمشاعروالمدينة وفرق تصعيد وخدم وفرق تفويج الجمرات وخدم وفرق تفويج الى الأماكن المقدسة وخدم حيث يعملون وفق استراتيجية عمل تهدف الى تطوير الأداء عبر هذه المؤسسة فهم يظلون على أهبة الاستعداد وقد اكتملت جاهزية مائة وعشرين مكتباً وفق خطة تشغيلية يعكف على اعدادها رئيس مجلس ادارة المؤسسة وعبقري المهنة سعادة الدكتور (عدنان بن محمد امين كاتب) الذي يعتبر احد ابنائها الذين لهم الفضل في السير بها الى مدارج الرقي فهو الرجل الذي سيظل بإذن الله ثم بجهوده الجبارة هو الذي يمسك بدفة تقدمها ورقيها فلقد دأب على ان يشمر عن ساعد الجد منذ وقت مبكر من كل عام حيث يلتف حوله رجاله المخلصون من أبناء الطائفة وهم نائباه كل من سعادة الدكتور ( رشاد هاشم محمد حسين) وسعادة المهندس زهير عبدالرحمن سقاط وأعضاؤهم الأفاضل وكافة رؤساء الخدمات الميدانية ليجمع الجميع على ان يضعوا نصب أعينهم مخافة الله في السر والعلن ثم الولاء للمليك والاخلاص للوطن وهذا ما يجعلهم يعملون وفق استراتيجية عمل تهدف الى تطوير الأداء عبر هذه المؤسسة الفتية التي زادت تألقا وشهرة فهي المؤسسة التي يضطلع ابناؤها بخدمة الجاليات المسلمة القادمين من قارة جنوب آسيا بجانب الكم الهائل من مواطني دول الخليج والعمالات المقيمة فيها وهذا ما يجعل الجميع يشعرون في قرارة نفوسهم بأن تفانيهم في عملهم يظل دافعا لأن يجعلهم يبلغون مستوى تميز الخدمة، وذلك ليحققوا تطلعات قائد هذه المسيرة الايمانية حيث تراهم هناك يعملون وحبات العرق تنضح من أنحاء أجسامهم وتنساب من جباههم فتتحول إلى لآليء تزدان بها جباههم فتهون عليهم كل أنواع العناء وتنصهر أمام اصرارهم كل الصعاب فتزداد قلوبهم بهجة ويشتعل فيهم اوار الحماس فيخلق في نفوسهم الاصرار على مضاعفة الجهود لمواصلة العطاء كي يتحقق الأمل المنشود وهو الارتقاء بمستوى الأداء ليظلوا جديرين بأن يحملوا شرف المهنة (مطوف) واليقين يملأ قلوبهم بأن خدمة الحجاج ( شرف ) (واجب) (مسئولية).