بسم الله القائل في محكم تنزيله (الحج أشهرمعلومات فمن فرض فيهن الحج فلارفث ولافسوق ولاجدال في الحج) حمدا لله على سلامتكم أيها الحجاج ومبارك قدومكم لهذه الديار المقدسة فها أنتم وقد وطأت أقدامكم أخوتي الحجاج ثرى أطهر بقاع الأرض وها أنتم تحثون الخطا ليحط بكم الرحال في مكةالمكرمة بلد الله الحرام البلد الذي تشيع فيه رحمته وتقتضي قدرته أن يطعم كل من فيه من جوع ويأمنه من خوف لهذا فستستنشقون أريج الكعبة المعطار بعد أن أرقكم الشوق والحنين الى رؤيتها، وقد انطوت أمام رحلتكم كل المسافات فلقد كانت تعتري هذه الرحلة مشقة ومتاعب منذ ردح من الزمن وهاهي الرحلة ترون قد أصبحت ميسرة والقدوم لهذه البلاد المقدسة سهلا ومأمونا فستؤدون بإذن الله مناسككم في أمن وأمان ولله الحمد فلقد قيض الله لكم في هذه البلاد رجالا صدقوا ماعاهدوا الله عليه فطوبى للمؤسس الباني الملك عبدالعزيز الذي ظل يجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين بعد أن رسخ حكم دولته على الايمان وطاعة الرحمن ونهج من بعده أنجاله رحمهم الله الذين ساروا على نهجه وخطاه بعد أن حملوا أمانة تسيير حكم البلاد عهدا بعد عهد حتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين سيدي الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي استغنى عن كل ألقاب الملك والتعظيم وارتضى بأن يكون خادما للحرمين ليمكنكم من تأدية مافرضه الله عليكم من عبادة وهو أداء الركن الخامس من أر كان الاسلام الذي ارتضاه لكم رب العالمين فهنيئا لكم أخوة الاسلام بهذا الدين الحق الذي أظهره الله على كل ماسواه وارتضاه لكم رب العالمين وهنيئا لكم فهذه كعبة الايمان وقبلة المسلمين التي يتوجهون نحوها عند كل صلاة هنيئا لكم رؤيتها عن كثب فياطالما اشتاقت نفوسكم لرؤيتها فها أنتم ستقفون أمامها وتحت بابها وتمتعون قلوبكم الولهى بالنظر لمحرابها وهاهو الملتزم ستدعون أمامه ربا يجيب دعوة الداعي اذا دعاه وسترون الحطيم وتشربون من زمزم هذا النبع الالهي الذي يشفي بإذن الله كل عليل وسقيم وستنعمون بلذة التجوال في رحاب البيت الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا فأهنأوا بما ترونه عن كثب ولكم علينا أن نكر م وفادتكم نحن أبناء هذه البلاد امتثالا لقول الله تعالى (وكونوا عباد الله اخوانا ) ولكم أن تهنأوا بما تقدمه دولة الاسلام من امكانيات وما توفره من أمن سيظل باذن الله يتفيأ في أفيائه المواطن والمقيم والوافد في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومن يشدون عضده من رجال دولته حفظهم الله فها أنتم قدمتم أهلا وحللتم سهلا وستظلون ابان اقامتكم في هذه البلاد في حمى الله ثم في حماية حكومة ستظل توفر كل امكانياتها من أجلكم وتجند كل طاقاتها لخدمتكم والكل هنا في هذا الوطن ومكة الغراء يبذل كل مافي وسعه لتتحقق لكم الراحة والاستقرار فأنتم اخوة الاسلام معشرالحجاج ستظلون في سويداء قلوب حكومة وشعب دولة تربطكم بهم وشيجة الأخوة في الاسلام فقروا عينا فأنتم في أمان الله ما ظلت عيون الأمن ساهرة على حمايتكم لينعم كل من يفد الى هذه البلاد بأمن توطدت أركانه بسواعد رجال الأمن المخلصين وفي طليعتهم رجل الأمن الأول ولي العهد سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا كما وأنتم في رحاب مكةالمكرمة التي مؤتمن على رعاية شؤونها وشؤون مواطنيها وقاصديها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير مكة المشرفة لذلك وبكل مايحمله من معاني لفظ الاجابة ( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك) وتحقيقا للغاية الايمانية التي قدمتم من أجلها وقاسيتم من أجل تحقيقها من وعثاء السفر فضلا عما تكبدتموه من انفاق لمبالغ باهظة وهان عليكم فراق كل عزيز في سبيل مرضاة الله لتكملوا مافرض عليكم من فروض الاسلام وهو الركن الخامس من أركانه وهو حج بيت الله الحرام وزيارة قبر رسول رب الأنام وذلك لتتم مناسككم ولتنالوا عند الله أجر الحج المبرور الذي جزاؤه الجنة وهذا ما بشر به المسلم في قول رسول الله (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) لذلكم أوصيكم ونفسي بتقوي الله في السر والعلن وأن تلتزموا بالآداب الاسلامية ا لتي يحض عليها دين الاسلام وهي الالتزام بالسكينة والوقار ومجانبة الفحشاء والمنكر من القول والعمل فأنتم ما تحملتم وعثاء السفر إلا من أجل أن تحققوا غاية ايمانية عظمى ظلت تراودكم في اليقظة والمنام طيلة أيام حياتكم الا وهي حج بيت الله الحرام لهذا فان الحج المبرور لا يبلغ مرتبته إلا من جانب الرفث وابتعد عما يستدرجه اليه الشيطان ونأى بنفسه عن الجدل واللمم وقول الزور وفواحش الأقوال وسيء الأعمال وهذا ما جاء في قول الله تبارك وتعالى (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) الآية.. لهذا فلتعلمون اخواني حجاج بيت الله بأن الحج جهاد بين النفس والشيطان أعاذنا الله واياكم منه والسلاح لدحره إن شاء الله هو الصبر والايمان ودرع الحماية من غلبته التصبر على مباشرة جماع الزوجة والابتعاد عن الجدال والفسوق وأما الندم والتوبة والغفران فميدانها هاهنا بيت الله الحرام ومواقع الكر والفر في المشاعر وعرفات الله لهذا ولما كان الحج هو يعني رحلة ايمانية تبدأ من انتقال الحجاج من بلادهم الى محطة الوصول مكة المشرفة وهي أطهر بقاع الأرض حيث موقع الحرمين الشريفين الذي يؤدي في أحدهما عبادة عملية وهي مكة المشرفة وفيها بيت الله الحرام اذ يؤدي فيه طواف وسعي ودعاء كما وفي بطاحها وقوف بعرفات واقامة في مني عدة أيام تسمي أيام التشريق ورمي للجمرات وذبح الأضاحي تقربا الى الله ثم التحلل من الاحرام وأداء الطواف عند الافاضة من عرفات والمشاعر وهذا اقتداء برسول الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام وليعلم كل من عزم على القدوم لهذه الديار المقدسة ولم يتخلص من نزقه وطغيانه ويريد أن يذعن لما يأمره به شيطانه وتلح عليه النفس الأمارة بالسوء أن يكدر صفو اخوانه من حجاج بيت الله فان الله سيخذله ويأتي به الله ويفضحه على رؤوس الأشهاد حين تتمكن منه سلطات الدولة وفي الآخرة عذاب أليم لأن هذا البلد مكة وفيها بيت الله الحرام الذي حذر الله كل من تسول له نفسه بأن يقترف فيها اثما سيكون عاقبته الخزي والخسران لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم) لذلك يأتي تحذير سماحة مفتي هذه الدولة الاسلامية من اتخاذ الحج ميداناً للمهاترات والمساومات والمقاصد السيئة ، فمن يسعى إلى أن يجعل من هذه الفريضة ميداناً للمهاترات فهو يسعى إلى أن ينصرف بهذه الفريضة من رسالتها وغايتها وهو سعي منحرف... ولذلك فإن هذه الدولة المباركة التي آلت على نفسها الحفاظ على أمن الحج والحجاج ستقوم بواجبها حتى ينعم ضيوف الرحمن بالأمن والأمان في كافة تحركاتهم وحتى يعودوا سالمين غانمين بإذن الله إلى أوطانهم. وهذا واجب الدولة ولن تتهاون فيه أبداً... لهذا ولأن هذه الدولة الاسلامية ارتكز حكمها على اعلاء كلمة التوحيد والالتزام بتطبيق شرائع الاسلام اذ يظل ديدن حكامها الاقتداء بقول الله تعالى (ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) الآية.. وفي هذا ينبغي أن يكون تحذيرا لكل من سولت وتسول له نفسه على القدوم لهذه الديار المقدسة لتحقيق غايات تتنافى مع الغاية الايمانية وهو الحج أو أن يتخذ الغوغائيون فرصة من هذا التجمع الاسلامي ليرووا غليل ظمئهم الى اقتراف الأمور التي تؤدي الى الفتنة والتهلكة ومنها المهاترات والمساومات والمقاصد السيئة لتفرقة صفوف المسلمين هنالك لن يتوانى حكام الدولة وشعبها من تطبيق قول الله تعالى : (ومن اعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) وقوله (وقاتلوهم فيه كما يقاتلوكم) لذلك تظل هذه البلاد وحكامها وشعبها لايتوانون عن اكرام وفادة القادمين من أنحاء المعمورة لأداء فريضة الحج كل عام فمرحبا وأهلا بكل من قدم لأداء فريضة الحج وطوبى لمن بلغ درجة الحج المبرور ليرجع الى بلاده كاليوم الذي ولدته فيه أمه تقيا نقيا من الذنوب والخطايا.