العيد في اللغة – كما جاء في لسان العرب – شجر جبلي ينبت عيدانا وهو كثير اللحاء يضمد به الجروح. واصطلاحا هو زمن يعود كل عام وموسم من مواسم الفرح والبهجة والسرور..هو سعادة تسري في النفوس وشمس تسطع على حياتنا فتشرق بثوب جديد وحب نابع من عطاء وتالف ونفوس راضية بما قسمه الله لها. وعيدنا كمسلمين يختلف عن كل اعياد الشعوب الاخرى لانه يوم توزع فيه الجوائز من رب العالمين على عباده , لاداءهم طاعة سابقة فكل يحصل على جائزته حسب عمله ومستوى عطائه. وللاسف فان أعيادنا هذه الايام قد فقدت الكثير من رونقها وبهائها وخفت عنفوان الفرح والبهجة من ايامها فجاءت لوحة باهتة الألوان بلا إطار ولا بهاء.. وفي عهد - ليس بالبعيد - كانت صلاة العيد في المسجد الحرام لاهالي مكة وما حولها من مدن وقرى من أروع مشاعر الفرح والتي أصبحت اليوم من سابع المستحيلات... وفي طرقات وشعاب مكة يسيرالأهالي واطفالهم صوب المسجد الحرام يرتدون اجمل الثياب والحلي ... الفقير والغني يهرول لاداء صلاة العيد بالحرم... والتكبيرات تتردد اصداؤها في كل أحياء مكة... وحمام رب البيت يطوف ويسبح ويكبر ويهلل تعظيما لرب البيت. كما ان الزيارات الصباحية للاهل والاقارب والارحام والذهاب من منزل لاخر للمعايدة من اروع صور التآلف الاجتماعي وحسن التواصل ، حيث تستمرالزيارات ايضا عصرا وحتى غروب الشمس. أما في المساء فتزدان الشوارع والطرقات بالمصابيح الملونة وتبدأ احتفالات العيد في الاحياء فهناك رقصات المزمار والخبيتي وغيرها...و التي تضج بها الاحياء بالوان متنوعة من الفنون الشعبية والرقصات التي تجذب اهالي الحي والتي كانوا مع عمدة الحي قد اعدوا لها مسبقا ً ، حيث يجد فيها الشباب متنفسا لإظهار إبداعاتهم الثقافية والفنية والتي تمثل جزءاً من حضارة المجتمع. كما تنتشر في بعض الحارات ملاهي الأطفال وهي الدولاب والفيل المتحرك والحصان وغيرها.. وهي على بساطتها تدخل الفرح والسرور على نفوس الاطفال. اما العيديات فقد كانت بضعة ريالات يسعد بها الاطفال والتي لو اعطيت لاطفال اليوم ربما لم يقبلوها...!! ولكن لماذا تبدل كل شيء ؟؟ ولماذا قلبت الموازين...؟؟ أم ما زلنا نعيب زماننا والعيب فينا !! فزيارتنا اقتصرت على المقربين جدا من الاهل ونسينا الجيران والاقارب والاصدقاء واقتصرت علاقاتنا بهم على المسجات وقليل جدا على شبكات التواصل الاجتماعي في الفيس بوك والتويتر.. وهل يطفئ ذلك لوعة الشوق الى اللقاء ؟؟. لقد اصبحت شوارعنا خالية الا من القطط ونابشات المخلفات.. فالبيوت تغط في سبات عميق موصودة ابوابها.. فالجميع في الاستراحة او في الكبائن او سافرالى الخارج !! بل لم نكتف بذلك الصدود فاسودت القلوب وتحجرت العقول وعمانا الحقد والكبر ففي الماضي لم يكن احد يجرؤ ان يأتي رمضان او العيد الا وقد سامح المسلم اخاه المسلم مهما كان بينهما من خصام او شحناء..فالقلوب طاهرة نقية تتسامى الى طاعة الله نحو التسامح والعفو حيث لا ترفع اعمال العبد قدر شبر فوق راسه وفي نفسه شحناء على اخيه المسلم.. وهذا هو الايمان الحقيقي. اما اليوم فقد اخذت الكثير منا العزة بالإثم والتمادي في التكبر والغطرسة والتقوقع داخل صومعة الذات وذاب الزمن عبر السنين ولم نستخدم سيف الوقت لننتصر على ذواتنا من خلال حسن اخلاقنا وتعاملنا فقد قال عليه الصلاة والسلام : ((أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم اخلاقا)). كما انه من المهم جدا ان لا ننسى ضرورة تفعيل دور عمد الاحياء في تنظيم احتفالات العيد في الاحياء ة باقامة البرامج الترفيهية والفنون الشعبية التي تجذب الشباب واهالي الاحياء. احبتي : ان العيد باجمل معانيه هو تجسيد لقيم الاسلام السامية التي تحترم الذات الانسانية وتحقق التكافل الاجتماعي بين كافة الطبقات ليلتقي الجميع على الحب والوئام والتسامح... فنخلق السعادة والبهجة في النفوس. اخيرا اقول : ايامكم سعيدة واعيادكم مباركة وقلوبكم عامرة بالحب والسلام لنحصد جوائز رب العالمين.