وحدة الأمة الإسلامية واجب شرعي، امر الله تعالى به في قوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» وأمرنا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» كما أن الله تعالى نهانا عن الفرقة والتفرق والاختلاف فقال تعالى : «فلا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات« تلك هي نقطة البداية للوحدة الاسلامية اذا كنا نريد حقاً وحدة، واذا نجحنا في ذلك هانت كل المشكلات. لذلك جاءت دعوة الملك عبدالله الكريمة لتستضيف مكةالمكرمة قمة إسلامية استثنائية يومي (26 و 27) من رمضان الكريم، وذلك لإعطاء دفعة قوية للجهود الاسلامية لانقاذ سوريا وشعبها من حرب الابادة التي تجري على أرض سوريا. دعوة كريمة .. في شهر كريم يترجمها الملك عبدالله يومياً في برامجه واجتماعاته واتصالاته الدولية والعربية والإسلامية.. انه عمل لا يتوقف منذ اندلاع الازمة السورية، وقد أعطى هذا التحرك مؤشراً واضحاً على منهج الملك عبدالله وطريقة ادارته لوحدة الامة الاسلامية. ان تحديد يومي (26 و 27) من شهر رمضان الكريم هو رسالة الى العالم في ليلة القدر، لذلك ستترجم السكينة التي تغشى المسلمين في الحرم المكي الشريف في شهر رمضان جانباً من عظمة الاسلام حين تعانق النفس جوهر هذا الدين وحقيقته، فعبارات مثل (رمضان كريم) و»اللهم اني صائم» تتردد كثيراً في جنبات الحرم المكي الشريف بين المصلين الوافدين من جميع ربوع العالم الاسلامي، وهي تُنهي الكثير من المشاحنات وتمنع العديد من المصادمات وتفيض بالهدوء على النفوس الناصعة وتغمر الجميع بما فيهم قادة العالم الاسلامي المشاركين في القمة الاسلامية الاستثنائية بشأن نصرة الشعب السوري المناضل في عبق من صحيح هذا الدين، كما ان التراحم والتكافل والمودة والرحمة سلوكيات تفرض نفسها على الجميع بما في ذلك قادة الامة الاسلامية المشاركين في قمة مكة الاسلامية بشأن الشعب السوري، فرمضان قبس من نور هذا الدين، فهو شهر عبادة في أوسع معانيها حيث الصيام والقيام والصلاة والصدقات والتكافل والتراحم والتسامح والاستقامة واحترام حقوق الانسان. معانٍ عظيمة لدعوة الملك عبدالله الكريمة في شهر كريم وتحديداً لانعقاد المؤتمر يومي (26 و 27) من شهر رمضان الكريم ، تتجلى في أن الاسلام دين سلام ومحبة، وسيعرف الجمع من قراراته التي ستصدر انه أمام دين لا يبغى سوى الهداية لجميع العالمين، وإعمار الارض ليستفيد الجميع من خيراتها. وهذه هي الرسالة التي سيوجهها قادة العالم الاسلامي من مكةالمكرمة. ان الازمة السورية هي ازمة وطن.. ومحنة شعب أبى، من يرحم سوريا وشعبها ويقيهم شر الذهاب الى المجهول؟، أليس من نهاية لهذا المأزق الذي أصاب الشعب السوري بالتدمير والابادة على يد طاغية مستبد تسانده كل من موسكو وبكين وايران في جرائمه ضد الانسانية والابادة المتواصلة ليل نهار للأطفال والنساء والشيوخ والشباب؟. لذلك أقول إن ما يجرى على الأرض السورية التي سينظر فيها قادة العالم الاسلامي المجتمعون في مكةالمكرمة ليست فقط أزمة وطن اسمه «سوريا» انما هي محنة أمة عربية اسلامية سمحت القوى المؤيدة لنظام الاسد بأن تبقى رهينة على مدى أكثر من (17) شهراً لحالة مزمنة من الارتباك والجدل العقيم الذي تشنه روسيا والصين في أروقة الاممالمتحدة واستخدامها المستمر لحق الفيتو الذي استخدماه لثلاث مرات متتالية خلال 17 شهراً أسهمت في تغييب المفاهيم الصحيحة خلف المفاهيم القابضة مثل سيادة الدولة وأدت بالتالي لارتكاب النظام السوري جرائم ضد الانسانية أدانتها المنظمات الدولية على مختلف المستويات والتخصصات. لعلي أكون أكثر وضوحاً وأقول صراحة بأن ما ادمى قلوب الانسانية حول الكرة الارضية في المشهد السوري من قتل ونهب وتدمير من قبل سلطات النظام وبتأييد كامل من روسيا والصين ان ما يحدث على الارض السورية هو محصلة طبيعية لمواقف روسيا والصين واستخدامهما لحق النقض في مجلس الامن لمنع صدور قرار أممي يدين نظام دمشق لارتكابه مجازر ضد الانسانية وابادة الشعب السوري وطرده من أرضه. إن الحقيقة مهما تكن مرارتها والتي سوف يناقشها قادة العالم الاسلامي في مؤتمر مكةالمكرمة لم يعد من الممكن اخفاؤها، فالكل كما تقول الشواهد ان كلاً من روسيا والصين ليستا جاهزتين لتغيير مواقفهما وانهما ادخلتا سوريا في النفق المظلم لذلك سوف تكتسب القمة الاسلامية في مكةالمكرمة حول سوريا أهمية خاصة لعدة اعتبارات منها استمرار العنف لنظام الاسد المدعم سياسياً وعسكرياً من روسيا والصين وايران وارتفاع اعداد القتلى من الشعب السوري، الى جانب عدم التوصل الى حل سلمي يقوم على أسس المبادرة العربية الأخيرة في الدوحة التي جاء بيانها مطالباً الاسد بالتخلي عن السلطة ومغادرة الاراضي السورية نتيجة لمواقف روسيا والصين المستمرة لدعم طاغية الشام. برغم كل الافكار والمشروعات التي تطلقها كل من موسكو وبكين في الاجواء هذه الايام باسم الرغبة في المفاوضات بين الاسد والمعارضة السورية في الداخل، فان من الصعب ان يقطع احد بان كل من موسكو وبكين لديهما حتى هذه اللحظة استراتيجية محددة ونهائية تجاه حق الشعب السوري في تقرير مصيره. وفي اعتقادي فان دعوة الملك عبدالله لعقد القمة الاسلامية الاستثنائية في مكةالمكرمة في يومي (26 و 27) من شهر رمضان المبارك تؤكد ان وزن وتأثير المملكة الاسلامي والدولي يفرض عليها دوراً محدداً تتمسك به وتحرص عليه وتعرضه على القادة الاسلاميين في اجتماع مكةالمكرمة من أجل انقاد الشعب السوري المسلم المناضل ومساعدته لتحقيق آماله وطموحاته في تقرير مصيره. لذلك تتجه أنظار العالم الاسلامي بل والدولي ايضاً الى قمة مكة الاسلامية الاستثنائية بشأن الأزمة السورية والتي تنعقد في أجواء ومتغيرات تشهدها الاراضي السورية والتي تتزايد حدتها يوماً بعد الآخر، ولم يعد هناك خيار سوى بلورة موقف اسلامي موحد للتعامل بفاعلية معها مما يعظم مصالح الشعب السوري المناضل. ان المملكة التي نراها اليوم بجميع فئاتها وادعة هانئة لشهر رمضان المبارك تستضيف القمة الاسلامية تؤكد ان نجاحها ينطلق من تأكيد ثوابت وحدة الامة الاسلامية التي تنص وتؤكد حقوق الشعب السوري في نضاله، وتكريس العمل الاسلامي لنصرة الشعب السوري في نضاله ومجابهة التحديات المتزايدة في اراقة دماء ابناء سوريا والتي تمثل خطراً مشتركاً لجميع الدول الاسلامية بلا اشتنثاء. وهنا بيت القصيد الذي اريد ان اتحدث عنه بمناسبة القمة الاسلامية في رحاب البيت الحرام ان وحدة الامة الاسلامية واجب شرعي وفرض عين لقوله تعالى (واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) سورة الانفال (46) وقوله تعالى : (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) سورة النساء (115). والحقيقة انه ليس هناك أمة في التاريخ تعرضت لما يتعرض له الشعب السوري من ضغوط وظلم ومؤامرات، لذلك ثار الشعب السوري لكرامته لاستعادة حقوقه، لكل هذا يعتبر عقد القمة الاسلامية القادمة في مكةالمكرمة يومي (26 و 27) من رمضان الكريم ضرورياً ولازماً لمواجهة الصلف الروسي والصيني وانحيازهما لنظام دمشق وتأييدهما في ارتكاب جرائم ضد الانسانية. فاذا ما ركز القادة الاسلاميون في قمة مكةالمكرمة على هذه الثوابت وصاغوها بشكل حاسم لتأييد الشعب السوري المناضل في التمسك بحقوقه الانسانية والوطنية ضد العنف والارهاب الدمشقي الروسي الصيني لذلك فإن ما يجمع الامة الاسلامية أكبر وأكثر مما يفرقها وهذا ادعى لموقف حازم وصارم من قادة القمة الاسلامية في مكةالمكرمة يعكس وحدة الأمة الاسلامية وتحقيق الأمل المنشود للشعب السوري الذي تسيل دماؤه يومياً في الوديان والقرى والمدن... وستكون رسالة الى العالم في ليلة القدر والتي تؤكد ان انقاذ الشعب السوري مسؤولية إسلامية. واخيراً أقول انه ليس اسوأ ولا أخطر من استمرار أن يكون العالم الاسلامي في مقاعد المتفرجين، بينما ساحات سوريا ووديانها تغرق بالدماء، لذلك ادرك الملك عبدالله حجم وخطورة الازمة على حياة الشعب السوري فوجه الدعوة للقمة الاسلامية وان تكون قمة ناجحة بإذن الله تظللها روح رمضان وترفع من شأن قراراتها برائحة ونفحات ليلة القدر، وهذه هي الرسالة التي سيوجهها قادة الأمة الاسلامية الى العالم من مكةالمكرمة في ليلة القدر.