قد يكون من حسنات هذا القرن شفافية الطرح ومحاولة النبش أو لنقل الأخذ بالمبدأ الواضح وما كان بالرغم بأن هذا ليس من حقك وإنما من حق ذاك لم تعد في قاموس أحد أبداً الأمر الذي يوغل بالإنسان إلى حيث هو وليس إلى حيثية الغير؛ واعتقد أن ذلك لو كان ممكنا منذ قبل لما حدثت تلكم الفجوات التي يلمسها المتابع المعاصر للكثير من الأشياء ..ودعونا نقول إن من ضمن هذا الركام الوارم ما كان يعتبر من خصوصية الإنسان نفسه أو ما يعتبره إشكالا يقلل من مكانته فيما لو بسطه للآخر ..أجل. ولعل هذه الفكرة لم تكن بكراً ولا حتى غفلا لهذا اعترضتني وأنا أفكر بحديث سبق وطرحته كورقة من ضمن هذا الخضم الواسع ولأن الحياة قد تكرر نفس اللون والجريان لكن المتذوق قد يكون هو المميز والمكيف لهذا أقول: دعونا نعترف ودعونا نلمس الواقع كما هو ومن ثم نمنح أنفسنا فرصة الانعتاق من التدليس والخشية حتى من أتفه الأسباب، إن المعيار في الأساس هو أن تكون صادقاً وموضوعياً أو تكون مسترزقاً أو أفاقاً مع عمر حياتك القصير، فافهمني يا ابن جلدتي لأقول لك عن جانب من حياتي أنا: ان تقرأ وتقرأ وتبحث عن الكتاب وتجهد نفسك لاقتنائه أو الاطلاع عليه أو تحاول ما استطعت ان تهيىء نفسك لهذا الغرض معناه انك إنسان شغوف بهذا الشيء إلى أبعد حد..وكما هي الحال مع أولئك الذين يبحثون عن أمور لا علاقة لها بهذه الهواية أو هذا الشغف إن صح هذا التعبير ، وبطبيعة الحال كل يسعى لتمرير ارائه وتحديد صنوف الأهداف والمواقف التي يجزم بعدالة استمدادها وعلاوة على هذا تظل الحالة قابلة للمداولة والإضافات وهذه سنة الحياة، لقد فكرت هذا التفكير الساذج والمعروف من ذي قبل وأنا أريد أن أشتري كمية من الكتب والمراجع إذ انني تعودت على أن اطلع على مراجع أي كتاب أتناوله قبل ان أقرأه ومن ثم أبدأ في قراءته أو تركه ..وكنت منذ زمن احتفظ ببعض اسماء الكتب التي يستعين المؤلفون بها حتى تجمع عندي أسماء كثيرة أعتبرها من الأسفار المنتقاة؛ فلما هممت أخيراً بالبحث عنها وشرائها وجدت أن الأمر فوق ما احتمله مادياً وأن السنوات التي قضيتها مع هذه القراءة والجمع قد أخرني وان الحاجة ليست في أن تأكل وتشرب وأن من يقتصرون على ربع عمل مثل عملي المحدود لا يمكن أن يستفيدوا إطلاقاً ..وكيف يستفيد أديب أو شاعر لا يقتني مكتبة مستوعبة فيها كل ما يحتاج إليه من البحوث والدراسات قديمها وحديثها..ومجتمعنا بين متخم لا يدري أيطير أم يعوم وآخر لا يدب إلا بالكاد، ولازال بعض الوارمين يقولون نحن محسودون ولا أدري على ماذا يحسدنا الآخرون !! على أية حال نعود فنقول لا يمكن أبداً اللهم إلا إذا اعتمد الموهبة والقراءات المتيسرة حتى الرحلات وزيارة المكتبات الكبرى والإلتقاء بالقائمين على دور النشر والأمناء عليها مسألة لا أظن أنها تقل عن تلك ..لذا أقول للقارىء أو المهتم بما أكتبه - وهو من القلة - لاتنفر ولا تنزعج من كتاباتي شبه المكررة سواء ما يتعلق بالأدب والمعاصرة أو ما يتصل بهما من فنون ونقد وخلافه ..قال أخو مذحج: الأرض في زمن المحاقْ وعروبة الأحياءِ كيسْ الجوع يلتهم الرواقْ ومهارق الماءْ خندريس!!