تحدثت في الأيام الماضية عن حرارة الصيف وعن السياحة في الجزيرة وكان بودي ان أكمل ذلك الحديث ولكن حدث وللأسف في تلك الفترة بعض الأمور المؤثرة جداً مما حداني إلى التوقف عن الإكمال أما وقد أراد الله ما أراده فإنني أعود وأسطر هذه التكملة ليكون الطرح واضحا بشقيه للمتابع ومن هنا سأركز على واجب التهيئة للوافدين من السياح ومراعاة المعطى الذي يبحثون عنه وحرية التنقل وعدم المضايقة ومساعدة من أراد المساعدة ومن ثم خلق الأجواء الحيوية سواء بالأنشطة الثقافية على قدر ما يمكن، أو بتواجد العارفين بالطرق من وإلى المرتفعات والصدور المعروفة دون أن يكون هناك إلزام أو برمجة تشعر السائح بفوقية البعض أو التقليل من شأن الآخر ولندرك جيداً ان جل السياح من أبناء المنطقة الذين سبق وخبروا المكان وطبيعة أهله وبالتأشير يفهم الفطن..ولكوني أحد المتفاعلين مع الجنوب حساً وذكراً فإنني أردف ما قلته آنفا.. هذا التردد؛ كم هو جميل كل ما توليه مناطق المصايف في بلادنا الحبيبة وما يتابعه الأوفياء من المهتمين بالتنوير والاستفادة من التجمع الهائل الذي تحظى به تلك الديار في فترات التنشيط السياحي خاصة في (عسير) هذه المنطقة التي تتدرج في سموقها وتنوع ما تختزنه وتتفرد بثباته، هذه المنطقة التي تعلو حتى تلامس السحب وتتطامن عند رعانها أسراب الغيوم حتى تظن انها توشوش إلى السماء بحديث لا ينقطع وبأنباء عن الطبيعة لها ما لها من الأهمية في حياة الإنسان فما أن تراها وأنت مصعد آخذ بزمام خيالك أو مطلق له البو ح عما تتذكره وتعتبره من المدارسة ..أقول إلا وستجد نفسك أمام قيل معرق في أبهته تارة بلتاث الموشاة المنوعة وتارة يعتمر المتماوج من المطرف والغريب ..أجل إنها (أبها) وزميلاتها المتدلية من شماريخ السروات الرائعة ..هذا المنتجع المبدع هبة من الله جل جلاله لهذه الصحراء التاريخية ومحطة تتوزع عندها الملكات فما أجمل ان تتفكر في ذلك الجسد الذي انتظمته فصول الخصب والولادة والمسار الذي يمطر الطيب ويعطي من أنفس ما تتوق إليه الأفئدة والأذواق أما كيف عبر ذكره وأخذت شهرته تتسع وتأخذ مكانتها فإن الله قد وفق حاضريه بصفات قل ان تجدها إلا فيهم منها الأريحية والقرب وحب العمارة والتواشج مع كل ما يحدث حضاريا كما أن جبالهم آية من آيات الله في الأرض منذ الأزل قال عالم المدينة سعيد بن المسيب: (لما خلق الله الأرض اضطربت فضرب بها هذا الجبل الأسود السراة) كما ان المتأمل في شخوصها الممتد ومنحدراتها شرقاً وغرباً ومن ثم قاطنيها يتعجب خاصة من اطلع على التاريخ وخبر الموجات السالفة فقبائل هذه الناحية وبلهجاتها وجذومها ومن ثم معايشتها للحياة هي القبائل الاصيلة ذكراً ومكاناً ..قال أخو مذحج: هذا الأديم الذي صبت جوانبه من جوهر الغيب نوراً سائحا وهدى !! وقامت الشمس من ذراته وغدت تهدي الملايين روح الحق كيف بدا!! يامنبع النور يامهوى رسائله يازحمة العطر روحا جامحا ومد!! ياغيمة دغدغت بالخلد وابتسمت تغازل المترفين الخير والبردا!! وتجذب الكل عن أطياف خابية شرقية تمزج الأنفاس والجسد!! وبالنخيل العرايا تستحم على وجه الصبا في خضيل بارد وصدى!! منائر في عنان الجو ضاربة تمد بالخير مع شح الحياة يدا !!