نجح المنتخب الفرنسي في تحقيق فوز هام أمام صاحب الضيافة أوكرانيا بنتيجة (2-0) في المباراة التي اُقيمت على ملعب "دونباس أرينا" بدونتسك الأوكرانية ضمن الجولة الثانية لحساب المجموعة الرابعة من يورو 2012 . منعرج مفاجىء وأفضلية فرنسية لم يكن المنعرج المفاجىء إلاّ ذلك الذي أجبر حكم اللقاء الهولندي بيورن كويبرز على إيقاف المباراة مبكّراً وتحديداً بعد مُضي أربع دقائق ونصف نظراً إلى تعكّر الأحوال الجوية ونزول كميات غزيرة من الأمطار إضافة إلى تواتر العواصف الرعدية إذ توقفت المباراة حوالي الساعة قبل أن تعود في حدود الساعة الثامنة بتوقيت مكةالمكرمة. سيناريو العودة وعلى عكس برودة الطقس كان نارياً ومشوّقاً رغم أنه يعكس أفضلية فرنسية واضحة بالنظر إلى عدد الفرص التي أتيحت للديوك من أجل فتح باب التهديف. كانت البداية بطيئة من الجانبين بعض الشيء وأولى المحاولات كانت في قالب جس النبض، فالمبادرة كانت فرنسية الهوية بأقدام الجناح المميز فرانك ريبيري الذي أهدى تمريرة ذكية لجيريمي مينيز كان سينفرد على إثرها بالحارس الأوكراني أندريه بياتوف لولا وضعية التسلل التي سقط في مصيدتها (16)، في حين كانت الإجابة الأوكرانية خجولة بتسديدة لم تسبب عناءً يُذكر للحارس الفرنسي (25). كانت أفضلية المنتخب الفرنسي جليّة في هذا الشوط حيث استحوذ على الكرة وغيّر من إيقاع المباراة واستغل أسلوب اللعب على الأطراف بشكل جيد، خصوصاً فرانك ريبيري الذي أرهق الدفاعات الأوكراني بتحركاته الكثيرة التي لا طالما كانت تكتسي صبغة الخطورة في كل مرة، ولعل أبرزها تلك التي مرّر فيها عرضية رائعة تجاوزت كريم بنزيمة في مرحلة أولى قبل أن يضيعها مينيز بشكل غريب ويضع الكرة في أحضان الحارس بياتوف في مناسبة ثانية (29). غاب الأوكرانيون بعض الشيء في معظم ردهات الشوط الأول قبل أن يسجّلوا استفاقة طفيفة عبر نجمهم الأوحد وهدافهم في هذه البطولة أندريه شيفتشينكو الذي أعلن عن وجوده بشكل خطير إثر استغلاله لغفلة على مستوى المحاصرة من دفاع "الزرق"، لينفرد وجهاً لوجه مع حامي عرين الديوك هوغو لوريس ولكن الأخير تألق في رد الكرة (34). الصورة الختامية لهذا الشوط لم تكن مغايرة عن معظم الصور التي شاهدناها، فالمبادرة والأفضلية كانتا سمتان مميّزتان لأداء الفرنسيين الذين واصلوا ضغطهم في الهجوم، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى حجرات الملابس متقدّمين بأفضلية الهدف لولا تألّق الحارس الأوكراني بياتوف الذي نجح في تصدّ خيالي لرأسية محترف ميلان الإيطالي المدافع فيليب ميكسيس بعد مخالفة متقنة من سمير نصري. بنزيمة "صانع الألعاب" ! حكاية النصف الثاني من موقعة "دونباس أرينا" بين صاحب الضيافة أوكرانيا والضيف ثقيل الظل فرنسا، لم تكن إطلاقاً شبيهة ببداية المباراة حيث شهدنا بداية نارية من الطرفين عبر فرصتين خطيرتين، كانت الأولى بعنوان فرنسي كالعادة تكفّل فيها جناح الفريق الباريسي بمواصلة نشازه –مبدئياً- ليفشل مرة أخرى في مغالطة بياتوف (48). عناوين رد الإعتبار من جانب أهل الدار كانت دوماً تحمل إسماً فقط ألا وهو العملاق شيفتشينكو الذي برز من جديد كمهدّد لمرمى هوغو لوريس بعد تسديدة رائعة تجاوز فيها المدافع عادل رامي، قبل أن تُحاذي الكرة الزاوية التسعين للمرمى الفرنسي رافضة الإنصياع لإرادة "العجوز شيفا" صاحب ال35 سنة. شهدت المباراة إثر الفرصتين الإفتتاحيتين صعوداً جلياً للنسق من الجانب الفرنسي الذي نجح أخيراً وبعد اجتهاد كبير من التهديف وفي وقت مبكّر عبر جيريمي مينيز الذي نجح في كسر حاجز النّحس وتجاوز حالة النشاز، ليكسب رهانه الشخصي مع الحارس بياتوف ويغالطه بكرة خادعة في أسفل الزاوية اليسرى تلقاها من صانع الألعاب المميز كريم بن زيمة (53). الهدف الافتتاحي لأبناء الرئيس بلان أدخل ارتباكاً كبيراً على الأوكرانيين، لم يكادوا يتجاوزونه حتى تلقوا الصفعة الثانية بقدم محترف نيوكاسل يونايتد يوهان كاباي الذي وضع كرة أرضية صعبة على متناول الحارس بياتوف من هدية أخرى لكلمة السر في هذا الشوط الثاني بنزيمة في دوره الجديد على مستوى صنع الكرات، ويبقى الأهم أن نجم "الميرينغي" أجاب على منتقديه بتسجيل الحضور البارز ولو كان ذلك من بوابة التمرير لا التهديف. ما تبقى من هذا الشوط كان فيه منتخب ال"تريكولور" قادراً على إحراز أهداف أخرى عبر كل من يوهان كاباي الذي كاد يضيف ثالث أهداف منتخبه ويبصم على الثنائية لولا القائم الأوكراني الذي وقف مع أصحابه (56)، أو حتى فرانك ريبيري الذي كاد أن يُتوّج مردوده المميّز في هذا اللقاء لولا مخالفته الحرّة التي ابتعدت قليلاً عن أخشاب المرمى الأوكراني. خلاصة المباراة تخرج المنتخب الفرنسي في ثوب المستفيد الأكبر لعدّة اعتبارات يبقى أهمّها تصدّره للمجموعة الرابعة وقتياً وتجاوزه لعقدة تحقيق الإنتصار ضمن المباريات الرسمية في النهائيات القارية (يورو أو مونديال) منذ سنة 2006 تاريخ آخر انتصار له أمام البرتغال في مونديال ألمانيا 2006.