يقولون الزمان به فساد وهم فسدوا وما فسد الزمان ، وهذا كلام قاله الاقدمون ولم يقولوه الا عن تجارب وخبرات ، ويقول بعض الحكماء ان المولود وهو رضيع وبعضهم وهو في بطن أمه ، ولكن الحالة الوسط (هو البيت قبل المدرسة) لان البيئة التي يعيشها الطفل بين الوالدين والاخوة لها التأثير الكبير ، فاذا كانت خيَّرة وطيبة تأتي المدرسة لتصقل ما عاشه الطفل في البيت وهذا أمر معلوم يصدقه ذلك البدوي الذي قال يمدح الخليفة (أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب/وكالدلوِ لا عدمناك دلواً) الخ ،ولما تغيرت البيئة التي كان يعيشها بين التيس والكلب والبئر والدلو وعاش بين الفراش الناعم والأكل النظيف أنطقته البيئة فقال (عيون المها بين الرصافة والجسر = جلبن لي الهوى من حيث ادري ولا أدري) ، وقبل حوالي ثلاثين عاماً وأنا في عملي (مفتش إداري) وجَّه معهد الإدارة بالرياض لكل الجهات الحكومية دعوة لدراسة اللغة الانجليزية ووصل هذا إلى فرع وزارة العدل - وكان مسماها رئاسة القضاة عن طريق الوزارة بالرياض ، فطلبت من فضيلة مدير عام فرع الرئاسة بالمنطقة الغربية فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد آل الشيخ - رحمه الله - ان يوافق على ترشيحي لهذه الدورة فوافق فضيلته ، وسافرت إلى الرياض واتجهت إلى إدارة معهد الإدارة ، وبعد الاختبار وضعوني في المرحلة المتوسطة (احد عشر شهراً) بمعدل ست حصص في الاسبوع ، وبانتهاء الدورة كنت بفضل الله بين الناجحين المنقولين إلى الدورة الاخيرة ، وكنت اتقابل في المعهد باصدقائي الذين درسوا المرحلة الاخيرة بالمعهد فنصحوني بالتقدم إلى مرجعي لاعطائي منحة دراسية إلى لندن ستة أشهر (للاختلاط البيئي) فتقدمت إلى مرجعي واعطيت اسبوعين اراجع بعدها ، فراجعت وقيل لي ان مشائخ الافتاء لم يوافقوا (وان كنت لا ارغب الاستمرار بالرياض فأعود إلى عملي بمكة المكرمة ورجعت) وأعود للبيئة لاتذكر (عن المرء لا تسل = وسل عن قرينه) فاقول انه الوازع الديني لاننا لم نكن نسمع عن حوادث الفواحش في العائلة (واعطاء الحرية للبنت وللولد) طلبت البنت الجامعية التي كانت تراجع الدروس مع زميلها الجامعي وفي اجازة نصف العام طلبت البنت من والدها ان يوافق على سفرها إلى لندن لقضاء عشرة أيام مع زميلها فلم يوافقها والدها وقال لها إن كان زميلك لازال راغبا في زواجك يتقدم ونعمل عقد النكاح وتسافري معه ، فقالت ذلك لزميلها فرد عليها ليس الآن ولا أعرف كيف صدر لها جواز السفر والتأشيرة ، وغابت في يوم من الايام وسأل والدها عائلة زميلها فقالوا له انه سافر إلى لندن فسأل والدها عن بنته فاجابوا لا نعرف وبطريق صديق له في المطار وبمراجعة منفيستو رحلة لندن وجدوا اسمها واسم زميلها ، وعادا قبل بدء الدراسة بيوم وبمواجهة والدها سقط على الأرض وقضى اجله وهكذا كان والله الموفق.