مَن لا يتذكر ذلك المقطع الجميل في فيلم «رصاصة في القلب» للموسيقار محمد عبدالوهاب، وراقية إبراهيم عندما دخلت عيادة طبيب الأسنان، حيث كان عبدالوهاب ينتظر صديقه الطبيب فوقع في غرامها من اللحظة الأولى، ودار بينهما ديالوج في أغنية من أحلى أغاني الفيلم.. وأحد أرقى الدويتوهات الغنائية في تاريخ الغناء العربي، والذي يحمل اسم «حكيم عيون»، وتقول كلماته: “حكيم عيون أفهم في العين.. وأفهم كمان في رموش العين”.. واليوم ومع تطور خبرة الإنسان وفراسته، تطورت تكنولوجيا العيون، وأصبح لدينا «خبراء عيون».. يستطيعون، ومن النظرة «الشرعية» الأولى، معرفة جمال العين، ولغتها، فيتخذون ما يلزم من الإجراءات لحجبها عن الناظرين؟! فلرجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العاملين في الأسواق في حائل، كما أكد المتحدث الإعلامي للهيئة، الحق بتوجيه الأوامر لأي امرأة بتغطية عينيها، إن كانت مثيرة للفتنة!. المشكلة أن بعض الرجال لدينا لا يُدركون سحر العيون، وخطورة كشفها في الأسواق، فهي أداة فتنة خطيرة، قال فيها علي بن الجهم، الذي كان بدويًّا جافيًا.. حافيًا، فقدم على المتوكل العباسي، فأنشده قصيدة، منها: (أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قِراع الخطوب) فعرف المتوكل حسن مقصده، وخشونة لفظه، وأنه ما رأى سوى ما شبهه به، لعدم المخالطة وملازمة البادية، فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة، فكان يرى حركة الناس، ولطافة الحضر، فلما استدعاه الخليفة بعد مدة حضر ابن الجهم وأنشد: (عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري) فقال المتوكل: أوقفوه، فأنا أخشى أن يذوب رقة ولطافة! وهذا بالضبط ما يخشاه بعض الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في بلادنا على رجالاتنا ومجتمعنا.. أن يذوبوا رقة ولطافة إذا ما شاهدوا مثل العيون التي تحدث عنها الشاعر البدوي علي بن الجهم. لذا فهم يعملون بكل ما أوتوا من قوة وشكيمة لإعادتنا مرة أخرى إلى البادية التي أتينا منها حتى لا نذوب رقة ولطافة!!