قد تكون رسالتي هذه هي الأولى أو قد تكون الأخيرة فلا أعرف تحديداً موقعها لأن علمها في الغيب ولا يعلمه إلا هو ، فان كانت الأولى فالعمر طال وان كانت الأخيرة فالنهاية اقتربت والأجل قد حان والقلب توقف ولم يعد بذاك الذي ينبض للحياة وبين نبضات قلب عاشق توقفت وعين مبصرة غاب نظرها يحل الحزن مكان الفرح وتغيب الابتسامة لتأتي الدموع . وبين حزن حل وبسمة غائبة بت أبحث بين صفحات الأمس وأسطر الماضي عن كلمات قد يكون موقعها مناسباً فتنثر تعبيراتها وتعيد لمن آلمه الفراق أملاً في البقاء مسروراً لكن السرور الذي نسعى للبحث عنه أصبح اليوم صعباً فالمتسلقون نحو القمم فاق عددهم أعداد القمم فكيف يصعد للقمة جمع والمساحة صغيرة؟. ترى هل البحث عن الوسائل والسبل التي تساعد على وصول القمم بات أمراً هاماً؟. قد يكون ذلك خاصة وأن الصعود للقمم أصبح مطمح الكثيرين سواء كانوا مؤهلين لذلك أو غير مؤهلين فمكانة الشخص المادية والاجتماعية أصبحت المعيار الحقيقي لدى البعض أما المكانة العلمية أو العملية فلم تعد معياراً لدى البعض فالعلم في نظرهم لم يعد مهماً خاصة بعد أن أصبح الحصول على درجة دكتوراه في تخصص ما أسهل من الذهاب إلى مدرسة فبدولارات معدودات أصبح بين عشية وضحاها حاملاً لدرجة الدكتوراه وأنا لا أعرف اسم الجامعة التي منحتني إياها. والعمل أي عمل كان فمهما جد الإنسان فيه واجتهد فانه سرعان ما يتحول إلى ماضٍ بمجرد إحالة الشخص للتقاعد أو وفاته. إذاً أنبكي على زمننا أم نبكي على ماضٍ غدا مجرد ذكرى؟. لا يمكن أن نضع الجميع في موضع واحد أو أن ندعي جحود ونكران الجميع فبين المجتمع من هم أوفياء صادقون ليس في كلماتهم بل أعمالهم أيضا لاينظرون لمال اقترب أو منصب بعد . أولئك هم الصادقون حقا الذين نفخر بوجودهم في حياتنا حتى وان كانوا من خارج أسرنا أو من أصدقائنا الجدد . والذين يؤكدون دوماً أن الإنسانية بمعناها الصحيح لم تغب وأن المحبة لازالت قائمة يوضحونها في صدورهم بحنانها وشفاههم المبتسمة دوما. إنهم وحدهم الذين يستحقون أن نعيش من أجلهم قبل أن نرحل من دنيا فانية الى آخرة باقية لكن الإنسان بطمعه وعشقه للحياة الدنيا وزينتها لا يدرك أبداً أن له في العمر بداية بولادته ونهاية بمماته لذلك نراه يلهث بينهما أياما وشهورا وسنين وعقوداً يريد أن يكون هو الأفضل دون سواه معتقدا أنه يستحق العيش وأن من حقه امتلاك كل شيء حتى رغيف الخبز الذي يسد جوع فقير معدم أو يتيم مشرد يرى أنه هو الأحق منهما لأنه صاحب مال أو جاه . إن رغبة البعض منا في البقاء بالحياة الدنيا وزينتها أنستنا الموت وسكراته وعلاماته وأنستنا القبر الحفرة الصغيرة الضيقة المظلمة التي لا ماء بها ولا هواء ولا طيب ريح كيف سنضجع بها حيث لافرش يقينا تراب الأرض . الله كم نحن مغرورن بالدنيا وزينتها ، كم نحن طامعون للبقاء بها ناسين من كانوا بالأمس بيننا . ليتنا نتذكر لحظة بداية النهاية لحياتنا . فاللهم ارحمنا برحمتك ونجنا من عذاب القبر وظلمته .