ينتظر المتعاملون الماليون والمسئولون السياسيون في غالبية الدول الصناعية بتوجس كبير افتتاح الأسواق المالية اليوم الاثنين في وقت تتصاعد فيه المخاوف بين ضفتي الأطلسي بشان المنحى الذي قد تتخذه الأزمة المالية التي تعصف بمنطقة اليورو وتهدد الولاياتالمتحدة في آن واحد. وتضاربت الأنباء خلال الساعات الأخيرة بشان تنظيم لقاء عبر الدائرة المغلقة بين وزراء الخزانة والمال للدول الصناعية السبعة ، وهو ما أعلنته الحكومة الايطالية ورفضت غالبية الأطراف الأخرى في بروكسل وباريس وبرلين تأكيده. ويسود الاعتقاد بأن خلافات جوهرية لا تزال قائمة بين الدول الأوروبية بشأن معاينة مختلف معطيات وجوانب أزمة الديون السيادية التي تهدد بالتفاقم في عدد من دول منطقة اليورو وفي مقدمتها ايطاليا. ويتعرض رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانوال باروزو إلى ضغوط غير مسبوقة شديدة الحدة منذ توليه مهامه على رأس الجهاز التنفيذي الأوروبي بسبب تعثر إدارته لازمة اليونان السيادية. وكان باروزو فاجأ قادة منطقة اليورو الخميس الماضي بتوجيه رسالة مفتوحة إليهم تدعوهم إلى تعزيز قدرات صندوق الإنقاذ الأوروبي المكلف ببسط الاستقرار المالي في منطقة اليورو والرفع من مقدراته وضمان تمويل الديون السيادية للدول المتعثرة. واعتبرت الأسواق المالية تلك الرسالة بمثابة دليل عملي على وجود شكوك في قدرة دول منطقة اليورو على تطبيق توصيات القمة الأوروبية الطارئة التي جرت أعمالها يوم 21 يوليو الماضي وتم تكريسها لدعم صندوق الإنقاذ الأوروبي وإعداد الحزمة الثانية لإنقاذ اليونان. ويجري سباق فعلي على الزمن بين الأسواق المالية ووكالات التصنيف المالي من جهة وبين دول منطقة اليورو من جهة أخرى بشان إدارة أزمة الديون السيادية المتفاقمة في أكثر من دولة. وقالت فرنسا وألمانيا إن صندوق الاستقرار المالي الأوروبي ليس بحاجة إلى تعزيز قدراته على خلاف ما أعلنه رئيس المفوضية الأوروبية. ولكن مصادر الجهاز التنفيذي الأوروبي في بروكسل تعتبر أن موقف رئيس المفوضية نابع من حرصه على تحميل الحكومات الأوروبية مسئوليتها كاملة وتجنيب منطقة اليورو خطر تصدع فعلي معلن. وتخشى المفوضية أن تتكرر تجربة إدارة ديون اليونان مع الأزمة القائمة في ايطاليا وعدم تمكن الاتحاد الأوروبي هذه المرة من إنقاذ دولة بحجم ايطاليا أي بداية انهيار مبرمج لمنطقة اليورو. وتقول المفوضية إن أسواق المال ووكالات التصنيف ستطالب بشكل مستمر بشروط إضافية وأنه لا يمكن لجمها بدون اتخاذ خطوات حاسمة ومقنعة. وتفاقمت الأزمة السياسية الأوروبية مع قيام وكالة التصنيف المالي (موديز ان بورسٍ ) بتخفيض تنصيف الولاياتالمتحدة على سلم التصنيف المالي الدولي. وإذا ما ردت أسواق المال بشكل سلبي على هذه الخطوة فان منطقة اليورو ستطالها تداعيات وخيمة بدورها بسب مخاطر تفشي عدوى الديون السيادية على الصعيد الدولي. وكان رئيس وزراء بلجيكا ايف لوترم قد قال يوم أمس إن بلاده والدول الأوروبية لا تزال تثق بشكل كبير في أداء الاقتصاد الأمريكي. وأوضح في حديث إذاعي انه أصيب بالدهشة بسبب تخفيض درجة أداء الاقتصاد الأمريكي رغم الصلابة التقليدية لهذا الاقتصاد. وقال إنه على قناعة بأن الحكومة الأمريكية تتعامل بشكل حازم وجدي مع إشكالية الموازنة الاتحادية. وأشار إلى أن تخفيض درجة أداء الاقتصاد الأمريكي لن يؤثر على الاقتصاد البلجيكي والأوروبي رغم ضخامة حجم الاستثمارات الأمريكية في أوروبا.