بل تجلب محبة الملأ الأعلى اجمعين مع القبول في الأرض: في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه (اذا احب الله عبد دعا جبريل فقال يا جبريل اني احبه فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في أهل السماء ان الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه اهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض). هذا غيض من فيض في الدنيا، فاذا حقت الحاقة ووقعت الواقعة وزلزلت الأرض زلزالها ودنت الشمس من الرؤوس فحدث ولا حرج عن الكرامات لهؤلاء المتحابين بجلال الله .. يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله، وتأمل في هذا الرابط الوثيق بين كون المحبة لله وكون الظل في ظل عرش الله. في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله)، وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم أخبر ان الله يقول يوم القيامة : (أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل الا ظلي). للمحبة في الله شروط منها: ان تكون لله، فكل عمل لغير الله لا يقبله الله، ومعنى كونها لله انها لا تتأثر ببياض او سواد او حزب او جماعة او بلد او عرق بل هي لله وحده لا شريك له. وان تكون على الطاعة، فالحب في الله طاعة لله، فهل تستغل طاعة الله لشيء محرم؟، وان تشتمل على التناصح، فالمؤمن ناصح للمؤمنين اجمعين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح مسلم من حديث ابي رقية تميم بن اوس الداري رضي الله عنه: (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة)، وللمحبة في الله واجبات منها: اخبار من يحب، فعن المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (اذا احب الرجل اخاه فليخبره انه يحبه)، وان تحب له ما تحب لنفسك، عن انس بن مالك رضي الله عنه: (لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه). والهدية لها دور في ذلك.. عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تهادوا تحابوا). وافشاء السلام .. عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنو ا حتى تحابوا اولا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم). والبذل والتزاور.. والمقصود البذل بمعناه الواسع بذل من الوقت والجهد والعلم والمال: فما أروع ما قيل في هذا الخصوص: اذا المرء لا يرعاك الا تكلفا فدعه ولا تكثر عليه التأسفا ففي الناس ابدال وفي الترك راحة وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا فما كل من تهواه يهواك قلبه ولا كل من صافتيه لك قد صفا اذا لم يكن صفو الود طبيعة فلا خير في ود يجيء تكلفا ولا خير في خلٍ يخون خليله ويلقاه من بعد المودة بالجفا وينكر عيشا قد تقادم عهده ويظهر سراً كان بالأمس قد خفا سلام على الدنيا اذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا اسأل الله العلي القدير أن يديم المحبة بين المسلمين انه سميع مجيب.