يتمتع مدرب رومانيا فيكتور بيتوركا بشخصية متحفظة وصامتة على نقيض مشهد الكرة الرومانية الصاخب، وتمكن برصانته من قيادة منتخب بلاده إلى نهائيات كأس أوروبا إثر تصدره المجموعة السابعة بفارق ثلاث نقاط عن هولندا القوية. وينوه ميركيا ساندو رئيس الاتحاد الروماني بعمل بيتوركا الجاد:"هو المشرف على كل اللاعبين، فهم يحترمونه ويستمعون إليه على الصعيدين الرياضي وغير الرياضي"، مضيفا "بيتوركا هو بين أفضل 3 أو 4 مدربين في تاريخنا الكروي، طبعاً خلف أنغل يوردانسكو الذي يعتبر الأميز". من جهته يضيف المعلق الشهير أوكتافيان فينتيلا الذي رافق بيتوركا في مسيرته الكروية منذ بداياته عام 1974: "يفرض فيكتور على لاعبيه ألا يكرروا الأخطاء التي ارتكبها عندما كان لاعباً وإضاعة الوقت الذي أهدره بلا فائدة". ويعتبر قدامى اللعبة في رومانيا أن قلة الانضباط كانت نقطة ضعف ابن منطقة "أوروديل" القريبة من كرايوفا، لكن فور قدومه إلى نادي ستيوا بوخارست تعلم الهدوء بقساوة من قبل مسؤولي النادي الذين حولوه إلى هداف لا يرحم مسجلاً 165 هدفاً بين 1983 و1989 ليصبح سابع أفضل هداف في تاريخ رومانيا. وأحرز بيتوركا أغلى الألقاب الأوروبية عام 1986 في كأس الأندية البطلة (دوري أبطال أوروبا حالياً) على حساب برشلونة الإسباني ثم كأس السوبر الأوروبية إضافة إلى 5 ألقاب في الدوري المحلي وثلاثة في مسابقة الكأس المحلية مكنته من تمثيل منتخب رومانيا في 13 مباراة دولية وتسجيل 6 أهداف. خلال نصف نهائي كأس أوروبا للأندية البطلة بين ستيوا بوخارست وغلطة سراي التركي عام 1989، لعب حارس الأخير الكرة فارتطمت بظهر بيتوركا وارتدت إلى المرمى لكن الحكم لم يحتسب الهدف إذ أنه لم ير كيف هزت الكرة الشباك. بدا "بيتسي" مسيرته التدريبية عام 1991 مع ستيوا بعدما خاض موسمه الأخير لاعباً مع لنس الفرنسي، فأحرز الكأس المحلية عام 1992، ثم انتقل إلى كرايوفا ناديه الأول قبل أن يشرف عام 1996 على منتخب رومانيا تحت 21 سنة فأهله إلى بطولة أوروبا 1998 في رومانيا. وفتحت الأبواب لبيتوركا بما فيها المنتخب الأول فأوصله بنجاح إلى كأس أوروبا 2000 لكنه اقيل في نوفمبر 1999 لخلافات داخلية، "كان شجاعاً لدرجة أنه قال لجورجي هاجي وجيغا بوبيسكو (أسطورتي الكرة الرومانية آنذاك) أنه لا مكان لهما بعد الآن مع المنتخب، بدون أن يخشى عالم الكرة والصحافة المتربصة له" كما يستذكر فينتيلا. هذه الشجاعة كلفته موقعه، لكنه تراجع بهدوء وعاد لقيادة ستيوا بوخارست فأحرز معه لقب الدوري عام 2001، متفرجا عن بعد على إخفاق رومانيا في تصفيات مونديال 2002 تحت إشراف هاجي، وكأس أوروبا 2004 تحت إشراف "الجنرال" أنغل يوردانيسكو. وعاد بيتوركا في ديسمبر 2004 إلى قيادة رومانيا، بعد أن استقال من تدريب ستيوا بوخارست لخلافه مع رئيس النادي المتسلط جيجي بيكالي الذي فرض عليه إبعاد لاعب عن التشكيلة على عكس اقتناعاته، لكنه عجز عن إيصالها إلى مونديال 2006 فعادت الانتقادات لتلاحقه، إلا أنه لم يستسلم وبدعم من رئيس الاتحاد نجح في تصدر مجموعته في التصفيات والتأهل إلى أوروبا 2008. بنى بيتوركا (52 عاماً) فريقه بهدوء وسلاسة، وبملابس رياضية محببة لديه بدلا من البزة الرسمية، فاستدعى جيشاً من المحترفين في الخارج، من قائد المنتخب وصخرة الدفاع كريستيان تشيفو وصولاً إلى الهداف أدريان موتو. ونجح "ساحر أوروديل" بإيصال المنتخب الأصفر إلى نهائيات أوروبا، فكانت المكافأة فورية بتمديد عقده حتى عام 2010، لكن الأصعب لم يأت بعد إذ تنتظره مهمة صعبة في الدور الأول عندما يلاقي إيطاليا بطلة العالم وفرنسا وصيفة بطلة العالم وهولندا في مجموعة "الموت".