عرضت على صديق مرافقتي لاحتفالية النادي الأدبي بقراءة النص لكنه اعتذر بعدم الفهم لكلام المثقفين وتقعرهم كما انه يمارس منذ زمن قراءة النص ولكن.. في البقالة. وعندما طلبت منه زيادة التوضيح أفادني بانه يستمد ثقافته منذ سنوات بقراءة الصحف مجانا في البقالة رغم لوحة ممنوع القراءة لكنه يختار البقالات المتساهلة مع المثقفين والتي تسمح بوقوفهم الطويل أمام كشك بيع الصحف طالما ان ايديهم لا تمتد للصفحات الداخلية. وهذا النوع من الثقافة السفرى بتعبير مطاعم الوجبات السريعة نوع شديد الخطورة لأنه ينتج ثقافة مبتسرة فالبقالات مهما تساهلت لاتسمح إلا بقراءة الصفحتين الاولى والاخيرة أما باقي الصفحات حيث الثقافة الدسمة فتدخل في دائرة الممنوع ولا نلوم أصحاب البقالات لأن جميع المتسوقين الحقيقيين يمتنعون عن شراء الصحف الفاقدة لعذريتها الصحفية بل ويمتنع حتى مندوبو شركات التوزيع عن استعادة الصحف المشتبه بقراءتها مجانا. وقلت لصاحبى المثقف بانه يتعدى بهذا التصرف على الملكية الفكرية للصحف كما يتعدى على خصوصية صاحب البقالة فأجابنى بقوله اما من جهة صاحب البقالة فإنى أوافقك الكلام ولكننى أعوضه بعد ان أشبع نهمي من القراءة المجانية بشراء كميات كبيرة من السلع فيربح مني أكثر مما يربح من بيع الصحف كلها اما الملكية الفكرية للصحف ومحرريها فلا وجود لها لأن كل الصحف معروضة يوميا على الانترنت وبالمجان كما يؤسفنى أن أقول لك بأن بعض الصحف لاتستحق الريالين وهو مبلغ يمكن ان أشترى به 12 رغيفا صاموليا صغيراً أو سندوتش مشحون بالسلطة والطعمية أو صحنا من الفول وقرصاً من التميس يشبعان كل أفراد العائلة أو اشتري بهما كيلو من الموز اليمنى اللذيذ بل ويقترب سعر المانجو في الصيف من الريالين والخيارات الاخرى لصرف الريالين في بلدنا كثيرة والحمدلله. ان مشكلة قراءة النص في البقالة أو ثقافة البقالات كما أسميها تشكل مشكلة ثقافية كبرى لكونها تنتج انصاف مثقفين وذلك لسببين أولهما ان المسموح بقراءته في البقالة هما الصفحتان الأولى والأخيرة فقط والسبب الثاني انخفاض درجة الفهم والاستيعاب لأن القراءة لابد ان تكون سريعة جدا حتى لا يشاغبك عامل البقالة أثناء القراءة فيحرجك أمام المتسوقين. بل ولقد زادت خطورة المشكلة مؤخرا بعد أن قام أصحاب البقالات بتدبيس الصحف فلم يعد يتوفر للقراءة المجانية بعد التدبيس إلا نصف الصفحة الأولى أو ربما ربعها مما يهدد بانتاج أنصاف مثقفين أو أرباع مثقفين. و يمكننا حل هذه المشكلة الثقافية العويصة بطريقة سهلة وذلك ببيع الصحف في اليوم الثاني لصدورها بنصف ريال وفي اليوم الثالث بربع ريال ولا تعاد الصحف لشركة التوزيع إلا في اليوم الرابع فتستفيد الصحف من هذه الفكرة مالياً ومعنوياً ويستفيد مثقفو البقالات علميا وأدبياً وينتهى الى الأبد عصر أنصاف المثقفين وأرباعهم.