بللت الدموع مشاعر الناس الذين أحبوا الراحل الحبيب محمد صادق دياب ..وتوشحت كل الاشياء بالسواد ..الشوارع ..وواجهات المنازل ..والأشجار ..والقناديل ..وأوكار العصافير. انطفأ ذلك الوهج المزدهي الذي كان يرتسم على جبهة ابن البلد ..ويضمخ أنفاسه بالحب للناس ..كل الناس.. مات صاحب الكلمة الأنيقة..والنزيهة.. التي امتلكت الأسماء وعاشت بين الحنايا..وتوسدت الأحداق.. مات فنان الحرف ..وحريف الكلمة ..توارى عاشق جدة الذي توحد نبضه مع ليلها ..وصباحاتها ..وهتاف حسنها وألقها وجمالها. لقد كان الدياب قامة إعلامية فارهة ..أعطى من نفسه ..وفكره ..وفنه ..سنوات طويلة . وصنع نجاحات كبيرة ارتقت على الساحة صارية عالية حافلة بكل ألوان المجد السامق الشامخ على كفيَّ هذا الفنان الماهر. رجل شهم ..أعلن التفافه مع محبيه ..وأصدقائه..وقرائه وكان شمعة مضيئة تواصلت .وتأصلت ..وصنعت لنا حضوراً مدهشاً لا يغيب. كنت اذا أعجبت بأي عمل كتابي لهذا الأديب ..أتواصل معه وأبدي له محبتي واعجابي ..وكان يضحك رحمه الله، ويقول مداعباً: شهادتك مجروحة يا فوزي لأنك تحبني!! وكنت فعلاً أحبه وأتوحد مع الكثير من أفكاره.. ونبضه..وسجاياه. التقيته في العديد من الرحلات خارج الوطن..وعهدت فيه روحه المرحة .وأدبه الجم .وحبه للخير. كانت كلمته الطيبة ..طيبة تفتح لك أبواب الالتفاف معه..ومع مؤازرته الدائمة التي ترتقي مثل نخلة عالية لتجد نفسك أمام قامة سامقة لا تملك إلا احترامها ..وتقديرها. كنت معه مرة في طريق العودة إلى الوطن بعد إحدى المناسبات..في إحدى الدول ..شعرت بشوقه للعودة إلى وطنه..قرأت توقه الشامخ لمصافحة بلده..وناسه ..وتحدث لحظتها الراحل الحبيب ..لم ينس تفاصيل عشقه للوطن .الشوارع ..واللافتات ..وشواطىء البحر..وليل جدة الناعم الغارق في الألق والأسرار!!. تعود أبداً أن يصافح الناس ..يرش عليهم الوفاء..فتنمو شجرة الحب حتى تصبح كياناً يضج بالتواصل معهم.. إنسان طيب القلب..حافل بالنقاء..والصفاء. سألته مرة ما الذي يشغلك ..أحس أن هدوءك ينطوى على ضجيج في الأعماق ..فسارع إلى القول : الناس وهموم الناس..لابد أن نشعر بكل الذين حولنا..لابد أن نتعاطف مع عذاباتهم ..وألوان احتياجاتهم .وصوت أنينهم. وقال: لا يصح أن ننفصل عن الناس ونعيش حياتنا وحدنا..لابد أن نواسي المريض..ونعين الفقير..ونتفاعل مع مشاكل الناس. وكان الراحل الحبيب بالفعل يتوحد مع الناس ..كل الناس ..يقاسمهم همومهم ..وأفراحهم ..ويعيش معهم وله مواقف انسانية كبيرة..لاتنسى. وكأديب كان يعنى بالكلمة الجميلة ..هو صاحب إحساس راقٍ ..له عبارات مجنحة تسكن القلب والعين ..استطاع بأدبه الجميل وفكره ..وأفكاره ..أن يتوسد اهتمام قرائه على مدى سنوات طويلة جداً أعطى خلالها الكثير الكثير..من الأعمال الأدبية الناجحة ..وقدم من خلال العديد من المناصب الصحافية التي تقلدها عملاً ناجحاً ومتفوقاً. رحم الله - العمدة- محمد صادق دياب ..وجعله في عباده المخلصين من النبيين والشهداء والصالحين ..والهمنا جميعاً الصبر والسلوان(إنا لله وإنا إليه راجعون). آخر المشوار: قال الشاعر: ياربِّ ..ياجابر الملهوف والعاني كيف الخلاص لقلب مثقل واني ياربِّ أنت الذي لا شيء يعجزه فامنن عليَّ بغفران ورضوان