تذمر عدد من أُسر أطفال التوحد بمنطقة الباحة بأن المركز الذي أمر وزير الشؤون الاجتماعية بافتتاحه لأطفال التوحد، سوف يشمل إعاقات عقلية مختلفة ومتعددة، وعللوا ذلك بأنه سيؤثر على أطفالهم في سلوكياتهم وتعاملهم. فتقول أم ميعاد: نحن بحاجة ماسة إلى عدة فصول تعليمية خاصة ومنفصلة، وأخصائيات فرط حركة، وكذلك للتخاطب وتعديل السلوك. وعللت أم محمد وأم شاكر وأم رياض وأم مالك: نحن كأمهات نخاف أن يتعلم أطفالنا سلوكًا خاطئًا من طفل آخر، ونحن لنا فترة طويلة جدًّا تعبنا من أجل تعليمهم سلوكيات وأمورًا صحيحة، وأضفن: نحن من قابل الوزير باسم "أسر أطفال التوحد"، وتعبنا حتى تحقق أملنا بوجود هذا المركز. تحليل علمي وأكد الأخصائي النفسي في مجال التربية الخاصة عبدالمحسن الزهراني: في سبيل خدمة هذه الفئة الغالية على قلوبنا فإن حكومة خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- بذلت وما زالت تبذل جهودًا مضاعفة في خدمة أطفال طيف التوحد ولغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة وفي هذا الصدد وجه المقام السامي الكريم بضرورة تعاضد وتكاتف الجهات المعنية في سبيل توفير خدمات ذات جودة مرتفعة، وهي (الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية). في منطقة الباحة لعب الجانب الإعلامي دورًا بارزًا ومهمًّا يُذكر فيُشكر، فبعد إثارة أوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة بالمنطقة أخذت الأمور في التغير والتطور، ونأمل أن تتواصل الجهود ليصبح لدينا واقع جميل وخدمات راقية لذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم، لاسيما اضطراب طيف التوحد، فلدينا عدد لا يستهان به من الحالات. وقال: قبل مدة استبشر أطفال طيف التوحد وأُسرهم بتبني جمعية تعاطف إنشاء مركز متخصص في التوحد، وذلك خلال الملتقيات التي تبنتها للتوحد وأسرهم، وتمت المخاطبات، وحين حضر معالي وزير الشؤون الاجتماعية لمنطقة الباحة دعمت الأسر توجه الجمعية ووقفت أمام الوزير، وبثت له آمالها وتطلعاتها الأمر الذي استجاب له الوزير مباشرة، ووجه بتيسير أمور إنشاء هذا المركز. بين الواقع والمأمول وأضاف "الزهراني": استأجرت الجمعية مبنى مكونًا من ثلاثة أدوار؛ ليكون مقرًّا للمركز المأمول بمبلغ ضخم جدًّا قرابة 300 ألف ريال، وتم توظيف خريجات تربية خاصة نتأمل فيهن الخير، ونأمل أن يتم تدريبهن؛ ليتمكن من تقديم الخدمة بشكل منسجم مع الواقع. وقد استوقفتني حقًّا بعض الملاحظات المهمة، والتي أتمنى الأخذ بها في عين الاعتبار، لاسيما أن تكاليف الحالات على نفقة الدولة، وتتراوح حسب فئة المركز من 30- 45 ألف ريال خلاف الدعم في مراحل الإنشاء، وهذه الملاحظات اختصرها في التالي: 1- تستعين جمعية تعاطف دومًا بمختصين من خارج المنطقة، ولا ترى أن المختصين من أبناء المنطقة أهلًا ليكونوا موقع المستشار أو المرجع، رغم أن هناك مختصين بارعين ومتميزين في الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية، والسؤال هنا كيف للجمعية أن تطور الأمور بشكل سليم وصحيح طالما قاعدتها تهميش أبناء المنطقة والاستعانة بخبرات من خارجها؟ إذ إن المختصين من خارج المنطقة سيمضون يومًا أو اثنين ويعودون لمناطقهم ليخدموها. 2- علمت أن المركز شامل لكل الإعاقات ووضعها في مبنى واحد، وهذا الأمر يمثل خطورة بالغة جدًّا؛ إذ إن اضطراب التوحد يعتمد في تعلمه وتدريبه على التقليد البصري والتقليد، وهذا المنفذ الوحيد الذي يمكن خلاله اقتحام عالم ذلك الطفل، ولنا أن نتصور أن يوضع طفل مصاب باضطراب طيف التوحد مع اضطرابات أخرى بحاجة هي الأخرى لخدمات متخصصة مختلفة جذريًّا عن خدمات طيف التوحد، فمهما تبني من ناحية فإن ما تبنيه سينهار من الناحية الأخرى؛ وبهذا تذهب الجهود سدى. 3- علمت من الأسر أن الجمعية طلبت من أولياء الأمور التوجيه لمستشفيات الصحة النفسية للحصول على التشخيص بهدف القبول في المركز بناءً عليه؛ ما يعني عدم وجود فريق تشخيص داخل المركز، وهذا التوجه مخالف للبرتوكولات العالمية في موضوع تشخيص اضطراب طيف التوحد الركن المهم والمحور الأساس واللبنة التي يُبنى على أثرها كافة برامج المعالجة؛ حيث إن كل الجهود متجهه للأعراض المصاحبة له ولا يوجد بُعد بيولوجيّ لتشخيص طيف التوحد. والحقيقة أن البرتوكول المعمول به في كل دول العالم يأخذ الشكل التالي: بحث اجتماعي يرصد أهم المتغيرات الاجتماعية وأهم الاحتياجات العلاجية تشخيص نفسي يرصد القضايا السلوكية للطفل، ويطبق عليه المقاييس المعتمدة في تثبيت المحكات التشخيصية للحالة كمقياس كارز ومقياس جلليام والادوس وغيرها من المقاييس، وبعد الوصول للمسمى التشخيصي يتم رصد أهم الأعراض النفسية والسلوكية للحالة، ويتم الاستعانة بالطب النفسي في مجال الأطفال والمراهقين في هذه المرحلة. ثم تتجه الحالة لمختص في قضية اضطراب التواصل، والذي يقوم بدوره برصد أهم المظاهر فيما يخصه، ثم تنطلق الحالة لمختص في التوحد، والذي يقوم بدوره بتطبيق أبرز المقاييس في مجاله كمقياس الملف النفس تربوي pep3، ثم يتم إشراك ولي الأمر وإطلاعه على ما وصلت إليه لجنة القياس والتشخيص، بعدها يتم تسكين الحالة في المسار المناسب، حيث ينطلق كل مختص في برامج علاجية متعلقة باختصاصه، وحسب كل حالة فإن فترة التشخيص تمتد من شهر إلى ستة أشهر. وحالات التوحد ثلاثة أقسام: بسيط، متوسط، شديد. وهناك حالات تكون مصحوبة بتخلف عقلي (وحتى يتم إثبات هذا الأمر فهناك حاجة لدراسات متعمقة خصوصًا أنه أمر بالغ التعقيد)، أقول: ومكانها المناسب برامج دمج جزئي وحالات تعتبر عالية الكفاءة، ومكانها برامج دمج كلي مع الحصول على الخدمات المساندة من التربية الخاصة وغرفة المصادر، وتبقى الحالات الشديدة هي التي تحتاج لمراكز تأهيل، وتستمر فيه حتى تتأهل وثم يتم تسكينها في برامج دمج جزئي، هذا يعني أن هناك تفصيلًا دقيقًا جدًّا، ويكون على ضوء نتائج القياس والتشخيص. 5- ترفض جمعية تعاطف المختصين من أبناء المنطقة جملةً وتفصيلًا، ولا ترى بأهمية استثمار خبراتهم وما يملكونه من معارف في المجال رغم عدم اختصاصها في موضوعات التوحد أو قضايا الأطفال بوجه العموم، ونتأمل منها أن تتيح لنا الفرصة، لاسيما أن من مختصي المنطقة الحاصل على جائزة الأداء المتميز، ومنهم من يحمل دراسات عليا في التوحد ولهم خبرات خارج المنطقة تجاوزت الخمسة عشر عامًا، ولديهم برامج تدريب عالية المستوى من دولة الأردن الشقيقة. تجاوب من مسؤول "المواطن" توجهت باستفسار لأحمد الشهري في فرع وزارة الشؤون الاجتماعية بمنطقة الباحة فقال: حتى يزول اللبس؛ المركز اسمه "مركز تعاطف للرعاية النهارية"، وسيشمل مجموعة من الفصول التأهيلية المنفصلة، والتركيز الأكبر فيه سيكون على الاضطرابات النمائية بما فيها التوحد، والفئة المستهدفة طبعًا أوسع من ذلك؛ لأن الهدف في الشؤون الاجتماعية هو النهوض بالتأهيل المجتمعي؛ لذلك نريد أن نغطي طيفًا واسعًا من الإعاقات بخدمات الوزارة، سواء كان ذلك بإعانة مالية للأسرة أو إعفاء من تأشيرات أو أجهزة طبية أو تحمّل رسوم تأهيل المعاقين في مراكز تشرف عليها الشؤون الاجتماعية أو صرف سيارة للمعاق الحركي. وأضاف: المبنى الحالي للمركز يغطي أطفال التوحد ويزيد، نحن في فرع وزارة الشؤون الاجتماعية بمنطقة الباحة نهتم بجميع المعاقين ولا نميز في خدمتهم، والفئة المستهدفة بالمركز هي الاضطرابات النمائية والتخلف العقلي البسيط والمتوسط؛ لذلك سوف يكون لدينا إعاقات غير التوحد بالمركز؛ حتى لا يحرم الأطفال القابلين للتأهيل من الالتحاق ببرامج تفيدهم، والفكرة المستقبلية أكبر من ذلك، وسوف تتحقق بإذن الله. وأضاف "الشهري": المركز لن يكون لجميع الإعاقات، سوف يكون للاضطرابات النمائية والتخلف العقلي البسيط والمتوسط، على أن يكون هنالك تقييم مبدئي طبي ونفسي واجتماعي لتحديد قبول الطفل في المركز وتحديد برنامج تأهيلي منفصل لكل طفل بالمركز، كذلك يوجد بالمركز فصول منفصلة وبرامج منفصلة لكل طفل، وسوف تتم معاملة كل طفل وفق درجة إعاقته وبرنامجه التأهيلي. وأوضح بالنسبة للمختصين فأولًا فسحت الوزارة مجموعة من التأشيرات، ويجري العمل حاليًّا على التعاقد مع مجموعة من المتخصصين من خارج المملكة، وفيما يخص السعوديات العاملات في المركز فنحن أيضًا نسير وفق توجه المملكة بتوطين الوظائف للسعوديات، ويتم حاليًّا عمل دورات مكثفة علمية وتطبيقية من قبل أساتذة بجامعة الباحة للموظفات السعوديات بمستوصف الظفير، والعمل جارٍ على إتمام هذه الدورات قبل بدء العمل. وأكد "الشهري" أن المركز سيكون على قدر تطلع أهالي منطقة الباحة.