لا تحتاج كلمة خادم الحرمين الشريفين، التي أعلن من خلالها إنشاء "جسر بري" بين السعودية ومصر، إلى جهد خارق من أجل استقراء عشرات الدروس المستفادة، التي تشير إلى وقائع يجب العمل من أجلها بوضوح دون مواربة، من أجل تصحيح المسار العربي والإسلامي، وإعادة الريادة التاريخية، كما ينبغي أن تكون. يكفي حديثه بكل الفخر عن إنجازات العام الأخير، وهو يؤكد أننا "نعيش واقعاً عربياً وإسلاميا جديداً تشكل التحالفات أساسه". وفي هذه الجزئية تحديداً، كان الملك سلمان واضحاً وصريحاً وحازماً كما هو عهده، حينما قال: "اتحدنا ضد محاولات التدخُّل في شؤوننا الداخلية، فرفضنا المساس بأمن اليمن واستقراره والانقلاب على الشرعية فيه، وأكدنا تضامننا من خلال تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب شمل 39 دولة هو الأقوى في تاريخ امتنا الحديث، وبعثنا قبل أيام برسالة إلى العالم عبر رعد الشمال، نعلن فيه قوتنا في توحُّدنا". ولم يغفل خادم الحرمين دور مصر في هذه التحالفات، وأشار إلى أنها كانت "كعادتها من أوائل الدول المشاركة بفاعلية في هذه التحالفات، وهذا التضامن الذي دشّن لعصر عربي جديد يكفل لامتنا العربية هيبتها ومكانتها"، إذا لم ينس الإشارة للاهتمام المشترك لإنجاح جهود إنشاء "القوة العربية المشتركة". هذا هو من شارك محارباً ضد الاحتلال الصهيوني في حرب العدوان الثلاثي بمصر عام 1956، وقاد اللجنة الشعبية لدعم المجهود الحربي في حرب أكتوبر 1973، ومن قاد جهود خاصة لإعادة العلاقات السعودية مع مصر بعد انقطاع "كامب ديفيد" من خلال اجتماع بباريس عام 1986 بين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز والرئيس المصري السابق حسني مبارك، إذ لا يُستغرب منه أن يكون مختزناً مصر في قلبه ودواخله، طوال 60 عاماً، منذ أن ارتدى بدلة الحرب مقاتلاً.