قلَّد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بقصر الاتحادية أمس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قلادة النيل أرفع الأوسمة تقديراً له لما قدَّم من خدماته إنسانية جليلة. فيما جرى الإعلان عن إنشاء جسر بري يربط بين البلدين في خطوة تاريخية، للربط البري بين القارتين الآسيوية والإفريقية. وخاطب الرئيس السيسي خادم الحرمين الشريفين في كلمة بهذه المناسبة قال فيها: «إنه لمن دواعي سروري أن أرحِّب بكم على أرض الكنانة في هذه الزيارة التاريخية التي تحلِّون فيها أخاً كريماً وضيفاً عزيزاً في بلدكم وبين أهلكم، الذين يحرصون دوماً على أن ينقلوا إليكم مشاعر الود والأخوة والإعزاز التي يكنها الشعب المصري لكم وللشعب السعودي الشقيق». وأضاف:» إن هذه الزيارة إنما تأتي توثيقاً لأواصر الأخوة والتكاتف القائمة بين بلدينا وتُرسي أساساً وطيداً للشراكة الاستراتيجية بين جناحيّ الأمة العربية مصر والمملكة العربية السعودية، وتفتح المجال أمام انطلاقة حقيقية بما يعكس خصوصية العلاقات الثنائية خاصة في مجال العمل المشترك، وبما يساهم في مواجهة التحديات الإقليمية غير المسبوقة التي تواجهها الأمة العربية». وأردف:»تمر أمتنا العربية والإسلامية بمرحلة دقيقة، نتحمَّل فيها مسؤولية كبرى أمام شعوبنا وخاصة الأجيال القادمة، وأثق أن خصوصية العلاقات المصرية السعودية، وما تنطوي عليه من عمق ورسوخ سوف تمكننا سوياً من مواجهة التحديات المشتركة والتعامل الجاد مع كل من يسعى للمساس بالأمن القومي العربي أو الإضرار بالمصالح العربية، أو تهديد الأمن والاستقرار الذي تتطلع إليه شعوبنا. وأكد السيسي ثقته الكاملة في أن التنسيق المشترك بين البلدين يمثل نقطة انطلاق حقيقية تعالج عديداً من أزمات المنطقة على نحو ما نشهده في القضية الفلسطينية واليمن وليبيا وسوريا وغيرها من الأزمات.. وعلى الرغم مما تعانيه بعض دول المنطقة من صعوبات نتيجة احتدام الصراعات، فإن زيارتكم تدفعني إلى التفاؤل بأن نُعيد معاً الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية الجامعة للوقوف في مواجهة الإرهاب والتطرف اللذين يقوضان الاستقرار ويُمثلان خطراً على مستقبل الإنسانية بأسرها». وقال: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يرحب بكم اليوم تسعون مليون مصري عهدوا فيكم أخاً محباً وداعماً لمصر وشعبها، فالشعب المصري لم ينس يوماً مواقفكم النبيلة، وتطوعكم مع أشقائكم في القوات المُسلحة المصرية في التعبئة العامة لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ودوركم في دعم المجهود الحربي إبان حرب الاستنزاف التي تكللت بنصر أكتوبر المجيد، وهي مواقف تنم عن أصالة وشهامة عربية خالصة كانت وستظل دائماً محل إعزاز وتقدير من شعب مصر الوفي لشخصكم الكريم». وأضاف: «اليوم ندشن معاً صفحة جديدة على درب العمل العربي المشترك، ونضيف لبنة في صرح العلاقات المصرية السعودية ونسطر سوياً فصلاً جديداً سيُسجله التاريخ وستذكره الأجيال القادمة، فزيارتكم إلى وطنكم الثاني مصر إنما تفتح آفاقاً ممتدة لمجالات التعاون الثنائي، حيث نشهد اليوم التوقيع على اتفاقيات في عديد من مجالات التعاون المشترك، وهو الأمر الذي يمثل نقلة نوعية في إطار سعينا الدؤوب لتأمين المستقبل المشترك للأجيال القادمة من أبناء البلدين الشقيقين. ولقد جاء تقليدكم يا خادم الحرمين الشريفين أرفع الأوسمة المصرية، قلادة النيل، تعبيراً عن مشاعر الإخاء والإعزاز والمحبة التي تكنها لكم مصر، رئيساً وحكومة وشعباً». من جانبه أكّد خادم الحرمين الشريفين أن زيارته تأتي في إطار تعزيز صرح العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وخدمة قضايا أمتنا العربية والإسلامية. وقال في كلمته: «يسرنا اليوم ونحن نزور أرض الكنانة، بلد التاريخ والحضارة والعلم والثقافة، أن نتقدَّم بالشكر لفخامتكم وللشعب المصري الشقيق على ما لقيناه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، إن زيارتنا هذه تأتي في إطار سعينا لتعزيز صرح العلاقات التاريخية الوطيدة بين بلدينا الشقيقين، والتي تصب في خدمة شعبي البلدين، وتوثيق عرى التعاون المشترك، وخدمة قضايا أمتنا العربية والإسلامية، ودعم الأمن والسلم الإقليمي والدولي. وأضاف: «لقد حرص الملك المؤسس عبدالعزيز – رحمه الله – على ترسيخ أساس صلب للعلاقات السعودية – المصرية. وكانت زيارته إلى مصر عام 1946م هي الزيارة الخارجية الوحيدة التي قام بها طيلة فترة توليه الحكم، مما أكد الأهمية الكبرى التي كان يوليها – رحمه الله – لهذه العلاقة الفريدة والمتميزة ، ولقد وقفت المملكة العربية السعودية منذ ذلك التاريخ إلى جانب شقيقتها جمهورية مصر العربية بكل إمكاناتها وفي مختلف الظروف، مما جعل بلدينا حصناً منيعاً لأمتنا العربية والإسلامية». «إننا إذ نشيد بما نشهده اليوم من إبرام عديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية والتي ستعود بالخير – بحول الله – على بلدينا وشعبينا الشقيقين، نود أن نعبِّر عن تقديرنا لرئيسي وأعضاء الجانبين في مجلس التنسيق السعودي المصري لما بذلوه من جهود موفقة للارتقاء بمستوى العلاقات في مختلف المجالات، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في إعلان القاهرة، وخدمة لمصالح بلدينا وتطلعات شعبينا الشقيقين». وقال: «وامتداداً لهذه الجهود المباركة فقد اتفقت مع أخي الرئيس على إنشاء جسر بري يربط بين بلدينا الشقيقين اللذين يقعان في قلب العالم. إن هذه الخطوة التاريخية، المتمثلة في الربط البري بين القارتين الآسيوية والإفريقية، تُعد نقلة نوعية ذات فوائد عظمى، حيث سترفع التبادل التجاري بين القارات إلى مستويات غير مسبوقة، وتدعم صادرات البلدين إلى العالم، كما سيشكل الجسر منفذاً دولياً للمشاريع الواعدة في البلدين، ومعبراً أساسياً للمسافرين من حجاج ومعتمرين وسياح، إضافة إلى فرص العمل التي سيوفرها الجسر لأبناء المنطقة». وعبَّر خادم الحرمين الشريفين في كلمته عن فخره بما تحقق من إنجازات على كافة الأصعدة والتي جعلتنا نعيش اليوم واقعاً عربياً وإسلامياً جديداً تشكل التحالفات أساسه وقال: «لقد اتحدنا ضد محاولات التدخل في شؤوننا الداخلية، فرفضنا المساس بأمن اليمن واستقراره والانقلاب على الشرعية فيه، وأكدنا تضامننا من خلال تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب شمل 39 دولة هو الأقوى في تاريخ أمتنا الحديث، وبعثنا قبل أيام برسالة إلى العالم عبر «رعد الشمال»، نعلن فيها قوتنا في توحدنا. وقد كانت جمهورية مصر العربية وكعادتها من أوائل الدول المشاركة بفاعلية في هذه التحالفات وهذا التضامن الذي دشن لعصر عربي جديد يكفل لأمتنا العربية هيبتها ومكانتها. كما نأمل أن تكلل بالنجاح الجهود المبذولة لإنشاء القوة العربية المشتركة». ودعا في ختام كلمته الله عز وجل أن يبارك جهودهم ، وأن يوفقهم إلى ما فيه خير شعوبنا وأمتنا العربية والإسلامية.