ظل “خفس” طبيعي على أرض هضبة وسط السعودية، آلاف السنين ينبع بالماء من باطنها ليروي المزارع ويسقي عابري الطريق، ليكون أقدم موقع ينبع منه الماء في الجزيرة العربية. خفس “دغرة” الذي نسب للقرية الواقع فيها وهي تابعة لمحافظة الدلم، وتحيط بها معالم أثرية وتاريخية، وتعتبر من المدن القديمة الموغلة في القدم لآلاف السنين من العصر الحجري الحديث، وتبعد عن العاصمة السعودية الرياض 120 كم تقريبًا باتجاه الجنوب، بحسب “العربية”. وقال المهتم بالسياحة والتراث المرشد السياحي وليد العبيدي: “يعد خفس دغرة من أقدم القرى التي ارتبط اسمها بالإنجازات التنموية الزراعية التي تمت في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، فالخفس جزء من مشروع الخرج الزراعي، وهو من أوائل المشاريع من حيث استخدام الآلات الزراعية الحديثة، والذي بدأ العمل فيه عام (1939م/ 1358ه) بأمر من الملك عبدالعزيز، وكان الهدف من هذا المشروع هو استغلال الموارد الطبيعية في المنطقة. وأضاف: “عين خفس دغرة هي عين ماء ضخمة نتجت عن خفس طبيعي في الأرض، وتقع في هضبة جبل الدلم، وكانت هذه العين فيما مضى غنية بالمياه وموردًا مهمًّا للمستوطنين في المنطقة والعابرين بجوارها، وقد وضع عليها مضخات آلية لاستخراج الماء منها، بهدف سقيا الأراضي الزراعية في مشروع خفس دغرة الزراعي عام 1358ه، والذي كان من ضمن مرفقات هذا المشروع مستودعات لقطع الغيار ومساكن مخصصة للمسؤولين عن المشروع، وإسطبلات للخيول الخاصة بالملك عبدالعزيز، وهي خيول أصيلة من نوع العبيات والحمدانيات، فكان لهذه العين دور كبير في نمو وازدهار الزراعة بالمنطقة، لكنها جفّت وأصبحت متنزهًا ومعلمًا يقصده أهل الدلم وزوارها في فصل الربيع ومواسم الأمطار. وأوضح أن “خفس دغرة يوجد بها معالم تاريخية وأثرية وهي عبارة عن مقابر منحوتة تحت الأرض، تقع جنوب عين الضلع، مما يوحي بأنها مستوطنة قديمة، وهناك مستوطنة قديمة أخرى تقع شمال خفس دغرة في جنوبالدلم بحوالي 15 كم، بين خفس دغرة وبلدة زميقة من ناحية الشرق، تم العثور في المنطقة على كسر من الفخار عليها كتابات ورسومات ونقوش يعتقد بأنها تعود إلى العصر البيزنطي، كما تم العثور على قطع فخارية أخرى تعود إلى العصر الإسلامي، بالإضافة إلى سور وبرج الدلم الذي انهار بفعل السيول عام 1211 هجرية، كما يوجد بها أعداد كبيرة من الآبار القديمة، والتي تنم عن حضارات قديمة استوطنت وتعاقبت على المنطقة.