(الموظف – العامل) من المصطلحات التي تترددُ على مسامعنا كثيرًا لاسيما في أماكن العمل، ورغم البون الشاسع بين المصطلحين والاختلافات الكبيرة التي لا تخفى على كلّ ذي تخصّص إلا أنّ عددًا ليس بالقليل منا لا يعرف الفروق بينهما في الأنظمة السعوديّة. هناك فقهاء ورجال قانون قادرون على التمييز بين المصطلحيْن؛ لأهمية ما يترتب على ذلك قانونيًّا، خاصة عند وجود تنازع وتضارب مصالح بين طرفي العمل؛ لذا ينبغي أن نعرف الفرق بينهما؛ لتحديد النظام الذي سيُطبّق، والجهة القضائيّة المُختصة بالفصل بين هذه المنازعات. ولكي نعرف أوجه التباين بين الموظف والعامل، يجب بداية أن نعرف من الموظف؟ ومن العامل؟ فالموظف حسب ما عرفته اللائحة التنفيذيّة للموارد البشريّة في الخدمة المدنيّة هو: “كلّ من يشغل وظيفة مدنيّة عامة في الدولة، أو يُمارس مهماتها أيًّا كانت طبيعة عمله أو اسم وظيفته، سواء أكان ذلك عن طريق التعيين أو التعاقد بصفة دائمة أو مؤقتة” أمّا تعريف العامل حسب ما عرّفه نظام العمل هو: “كل شخص طبيعي، يعمل لمصلحة صاحب عمل، وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر، ولو كان بعيدًا عن نظارته” ويلاحظ من خلال التعريفين الفوارق بين الموظف والعامل، ويترتب على هذا أن الموظف العام يطبق عليه “اللائحة التنفيذيّة للموارد البشريّة في الخدمة المدنيّة” إلا ما استثني بنظام العمل، وعليه فإنّ جهة الفصل في المنازعات المرتبطة بالموظف هي “ديوان المظالم أو المحكمة الإداريّة”، أمّا العامل يطبق عليه “نظام العمل”، وجهة الفصل في المنازعات المرتبطة بالعامل هي “المحكمة العُمّالية”. وللموظف والعامل حقوق وعليهما واجبات، فالموظف العام يستمد حقوقه الوظيفيّة من اللائحة التي تنظيم علاقته بإدارته، فعلاقة الموظف بإدارته علاقة تنظيميّة، أما العامل فيستمد حقوقه من العقد الذي يوقّع بينه وبين صاحب العمل، أيّ أنها علاقة تعاقديّة، ويترتب على هذا أن صاحب العمل لا يستطيع تعديل أيّ بند من بنود العقد المُبرم مع العامل إلا بموافقة الطرفيْن، أمّا ما يتعلق بإنهاء العقد فيستطيع أيّ من الطرفين إنهاء العقد بعد إخطار الطرف الآخر بذلك، وذلك عملًا بالمبدأ “العقد شريعة المتعاقدين” حيث يتطلب توافر الإيجاب والقبول، بخلاف إدارة الموظف العام التي لا تستطيع إنهاء علاقتها بموظفيها إلا بناء على اللائحة المُنظمة، وتحت ضوابط معينة، ووفق إجراءات تنظيميّة مُحدّدة، كما أن الإدارة تستطيع تغيير الشروط والأوضاع الوظيفية دون الرجوع للموظف لأخذ موافقته. وعليه فمن الضروري التفريق بين المصطلحين (موظف – عامل) كي لا نخلط الأمور بعضها ببعض، ولكن بما أن العُرف يُعتبر مصدرًا من مصادر التشريع، وكما تقول القاعدة: “إنّ المعروف عُرفًا كالمشروط شرطًا” والمتعارف بين الناس أن مصطلح موظف يُطلق على الشخص الذي يقوم بالأعمال الإداريّة سواء أكان في القطاع العام أو الخاص، كما أنّ من المتعارف عليه عندهم أن العامل هو من يقوم بالأعمال التي تتطلب مجهودات بدنيّة مهنيّة، مثل: الإنتاج، الصيانة.. إلخ. فكلا المصطلحيْن في هذه الحالة يحمل في طياته العموميّة، ولا يصف الحالة المهنيّة الحقيقة؛ ويرجع ذلك إلى عدم تقسيم المهن في التشريعات، وجعل كل مهنة لها استقلاليتها، فجميع المهن في القطاع غير العام تحت مسمى عمل وعمال وهذا غير دقيق. مستشار قانوني المملكة العربية السعودية – الرياض [email protected]