أصيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالهلع، منذ الإعلان عن فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول، ما دفع الكثير من المحللين إلى البحث وراء هذا الموقف الذي شابه الكثير من الغموض. الغموض يشوب الأحداث: وأوضحت صحيفة “واشنطن بوست”، في تقرير لها، أنّه “منذ بداية ظهور بوادر فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية المدينة، أثار أردوغان الشكوك بنزاهة النتائج وتحدثت أوساطه عن مخالفات وتلاعب في التصويت”. وأشارت إلى أنّه “زعم أردوغان في 8 نيسان/ أبريل الماضي، أنَّ الانتخابات شابتها مخالفات على نطاق واسع، ارتكبت بشكل منظم، وأن الأمر لا يتعلق بمخالفات هنا وهناك لأن العملية برمتها كانت غشًا”. وبيّنت أنّه “دعا أردوغان إلى إعادة فرز الأصوات وقد استجابت لجنة الانتخابات لطلبه، وبعد الانتهاء من إعادة الفرز في جميع صناديق الاقتراع لم تتغير النتيجة لصالح حليف أردوغان ورئيس وزرائه السابق بن علي يلدريم، وجرى التصديق على فوز إمام أوغلو، بعد 17 يومًا من الانتهاء من التصويت الذي جرى في 31 آذار/مارس الماضي وتولى إمام أغلو منصبه”. ما السر؟ المحللون لخطابات أردوغان، والمتابعون لسياسته، وفق “واشنطن بوست”، استطاعوا أن يجدوا السر وراء هلع الرئيس التركي، من تولي أوغلو إدارة إسطنبول. وأشار المحللون، إلى أنَّ “الرئيس أردوغان، اعترف قبل سنوات عديدة، بأنَّ من يسيطر على مدينة اسطنبول سيحكم تركيا”، معتبرين أنّه “من هنا يمكن تفهم لماذا لم يتقبل أردوغان فكرة خسارة المدينة ووقوعها في يد خصومه”. مغزى اقتصادي كبير: وأبرزت الصحيفة الأميركية أنَّه “سقطت مدينة إسطنبول، منذ تولي أردوغان رئاسة بلديتها عام 1994، تحت سيطرة الإسلاميين المحافظين”. ويرى المحللون أنَّ “فقدان السيطرة عليها له مغزى كبير، لما لها من مكانة اقتصادية وسياسية ورمزية تاريخية لدى أردوغان وأنصاره”. وأوضحوا أنَّه “من الناحية الاقتصادية تمثل اسطنبول قلب تركيا ومحركها الاقتصادي إذ تنتج 31.2% من إجمالي الناتج القومي التركي، الذي يعادل 851 مليار دولار حسب بيانات مركز الإحصاءات التركي لعام 2017، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 16 مليون شخص”، مشيرين إلى أنَّ “العاصمة أنقرة لا تنتج سوى 9% من الناتج القومي. ومعدل دخل الفرد في إسطنبول هو الأعلى على مستوى البلاد، ويبلغ أكثر من 65 ألف ليرة تركية حسب إحصاءات 2017. بينما لا يتجاوز ذلك 14 ألفًا في المنطقة الكردية في جنوب شرقي البلاد”. وتمثل إسطنبول قلب الصناعة في تركيا إذ تنتج 29% من إجمالي الإنتاج الصناعي في البلاد. وبلغت موازنة بلدية المدينة نحو 10 مليارات دولار عام 2018، وهذا المبلغ يتجاوز موازنة وزارة الدفاع التركية السنوية. استثناءات لحزب العدالة والتنمية: وكشفت ال “واشنطن بوست”، أنَّه منذ أكثر من ربع قرن، وخلال سيطرة حزب العدالة على المدينة، تم منح عقود مشاريع كبيرة لشركات ورجال أعمال مقربين من الحكومة، وبالتالي جرى تشغيل عشرات الآلاف من أنصار الحزب في هذه الشركات. وأشارت إلى أنَّ “البلدية تبرعت بمبلغ 150 مليون دولار لجمعيات ومؤسسات مقربة من حزب العدالة والتنمية، ومن أسرة أردوغان، حتى عام 2018 حسب كشوفاتها المالية”. وأضافت: “تم منح المشاريع العملاقة في إسطنبول، والتي بلغت قيمتها مليارات الدولارات، مثل مطار إسطنبول الجديد والجسر الثالث الذي يربط شطري المدينة، لشركات مقربة من أردوغان، منها كاليون وكولين وليماك”.