تتعلق الآمال العربية حول قمة تونس المرتقبة أواخر الشهر الجاري، لاسيما بعد خيبة قمة بيروت الاقتصادية التي اعتذر عن حضورها عدد كبير من الزعامات العربية، وستكون القمة منبرًا لحوار عربي واسع حول قضايا المنطقة وسبل التصدي للتهديدات الوشيكة وتعزيز التعاون والعمل العربي المشترك. وكانت المملكة خلال رئاستها للقمة العربية ال29 قد غلّبت المصالح العربية وانتصرت للدفاع عن الأمن القومي أمام التدخلات الخارجية فهل تنجح قمة تونس في تضميد الجرح العربي وسط مناخ من الخلافات في الرؤى والمواقف؟ لم الشمل واستعادة الصف العربي حسب سياسيين ليست هذه المرة الأولى التي تحتضن فيها تونس قمة عربية بهذا الثقل فقد سبق لها أن استقبلت قمتين كانت الأولى عام 1979 والثانية في 1994 الأمر الذي يجعلها في مستوى التحديات لفتح آفاق واعدة وتضميد الجرح العربي. وتتطلع أوساط دبلوماسية بتفاؤل إلى القمة العربية على أمل كسر تعقيدات المنطقة العربية والتشابكات في القضايا المختلفة. وتهدف القمة وفق تصريحات دبلوماسيين إلى استعادة الصف العربي وتسوية الخلافات واستعادة أولويات القضايا الأساسية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والاستيقاظ لمواجهة خطر الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة. التوافق أولًا وأخيرًا هو أحد أبرز النتائج التي ترجوها تونس لتحتفي بنجاح القمة وفتح آفاق جديدة تقوم على الاعتدال بالنسبة للعالم العربي. وحسب مراقبين يمكن أن تكون قمة تونس قمة "مصيرية" حيث ستكون بمثابة البوصلة للتعامل مع كثير من التطورات الساخنة في المنطقة وعلى رأسها انهيار تنظيم داعش الإرهابي في سوريا ومحاولة استفادة كل من تركيا وإيران من سحب القوات الأمريكية من الأخيرة لملء الفراغ وتحقيق المزيد من الهيمنة . ووسط حالة الغليان التي تشهدها المنطقة يمثل انعقاد القمة في تونس فرصة للم الشمل بين القادة والشعوب والخروج من حالة التقسيم والتفتت التي أفرزتها الحروب التي أعقبت ما عرف بثورات الربيع العربي. وتعقد القمة في ظل تحولات إقليمية كبرى ومن المتوقع – وفق مراقبين – أن تكون بمثابة صحوة عربية تعود بنا لعمل عربي مشترك مبني على خطة مُحكمة تمكنا من تجاوز الأزمات الراهنة والخروج من عنق الزجاجة. دبلوماسية هادئة تعيد التوازن تعزز الدبلوماسية الهادئة المعتدلة التي تتميز بها تونس المستضيفة للقمة – وفق مراقبين- قدرتها على خلق توجه عربي معتدل متوازن وإيجاد حلول لاسيما في المعادلات الإقليمية الأكثر صعوبة. ومن المتوقع أن تنعكس هذه الدبلوماسية إيجابًا على القضايا العربية المطروحة على جدول أعمال القمة، إذ قد تساعد في الخروج من وضع سياسي واقتصادي واجتماعي هش تعاني منه المنطقة العربية بالوصول إلى توافقات محددة. ويعلق العرب آمالهم بأن تكون قمة تونس بذرة لتحولات إيجابية جديدة تضمد جراح المنطقة وتصبح نقطة تحول لوعي عربي جديد. وسيتناول القادة العرب في تونس مجموعة من القضايا الهامة والملحة على رأسها القضية الفلسطينية والإرهاب والتنمية الاقتصادية إلى جانب ملفات ساخنة أخرى مطروحة بقوة كالأزمة اليمنية وليبيا وسوريا وملف التدخلات الإيرانية في الشأن العربي الذي سيكون حاضرًا بقوة . وعلى الرغم من محدودية النتائج التي أفرزتها القمم العربية السابقة، يبقى الأمل معلقًا على قمة تونس في تحقيق بعض من التضامن والتوافق العربي ليكون بذرة لتفعيل عمل عربي مشترك قادر على مواجهة التحديات القادمة.