تأتي هذه الزيارة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد وزير الدفاع – حفظه الله – إلى المملكة المتحدة تتويجاً واستكمالاً للعلاقات الاستراتيجية التي تربط المملكة العربية السعودية وبريطانيا ، وهي علاقات استراتيجية يضرب تاريخها إلى عهد المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله – ، حيث إن هذه العلاقات قامت على الرابط الاستراتيجي بين البلدين وتبادل المصالح واحترام المواقف. فقد كانت بريطانيا طيلة هذه السنوات شريكاً استراتيجياً للمملكة العربية السعودية في جميع القضايا ، لذلك ما أن انطلقت رؤية المملكة 2030م وما حوته من شراكات ومبادرات تجعل المملكة في مصاف الدول المتقدمة لا سيما أنها تنطلق بمبادرات ورؤى جديدة سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي ، كما تشمل العديد من المشاريع سواء كانت عسكرياً أو في الجوانب الاقتصادية والتنمية الاجتماعية أو المبادرات كمبادرة " نيوم " أو " البحر الأحمر " ومشروع " القدّية " العملاق ، فكل هذه المشاريع الضخمة ستعزز الاقتصاد الوطني وستمنح الاقتصادين السعودي والبريطاني مليارات الدولارات ، لا سيما أن هنالك شركات عملاقة تعمل في المملكة حريصة كل الحرص على أن تنال نصيبها من هذه المبادرات الضخمة . وما يؤكد هذا التقارب أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي كانت ضمن المباركين لهذه الرؤية وما تمخضّ عنها من شراكات ، فلقد رأينا بعد زيارة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – إلى شرق آسيا وما نتج عنها من شراكات اقتصادية سواء مع الصين أو سنغافورة أو اليابان وبقية الدول الأخرى ، كذلك زيارته – أيده الله – إلى روسيا وما نتج عنها من شراكات اقتصادية وصناعية في المجالات المختلفة عسكرياً وفضائياً والطاقة المتجددة ، فكل ما سبق ذكره كفيل بفتح شهية العالم الغربي كالولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا وبريطانيا ، مما جعلها تتسابق وتبارك هذه المبادرات والشراكات الضخمة التي ستدرّ على هذه الدول المليارات من الدولارات. كما أن المملكة المتحدة حريصة على أن تكون علاقتها مع السعودية علاقة استراتيجية تقوم على احترام المواقف والدعم الدائم لمواقف المملكة في جميع قضاياها ، فقد رأينا بريطانيا في القضية اليمنية حيث كانت داعمة للسعودية منذ انطلاق عاصفة الحزم لما اتخذته المملكة من إجراءات بإعلانها عاصفة الحزم وقيادة التحالف العربي المكون من 12 دولة لإعادة الشرعية. كما أن بريطانيا منذ الوهلة الأولى شاركت في القرار الأممي 2216 الذي يدين التدخل الحوثي والإيراني ، وموقفها من القضية السورية ودعمها الكامل للموقف السعودي في نصرة الشعب السوري بالإضافة إلى مواقفها الأخرى من إيران وتدخلها السافر سواء في الوطن العربي أو دعمها للإرهاب وتصديره ، فكل هذه المواقف جعلت بريطانيا شريكاً استراتيجياً للمملكة ، ولا شك أن زيارة سمو ولي العهد لها ستعمل على تتويج كل هذا التقارب بالكثير من الشراكات والاتفاقيات التي تسعى لها المملكة منذ انطلاق الرؤية 2030م لتوطين الصناعة والتقنية ، فالمملكة المتحدة لها ثقلها المعتبر في الاتحاد الأوروبي والكثير من الصناعات العسكرية كالطيران والقوات البحرية ومكافحة الإرهاب ، حيث إن كل هذه الملفات ستكون على طاولة المفاوضات بين سمو ولي العهد والحكومة البريطانية . الجدير بالذكر أن بريطانيا لها استثمارات في السعودية تتجاوز 5.5 خمسة ونصف مليار دولار في الكثير من المشاريع ، فالسعودية في خطتها الجديدة بحاجة إلى الخبرة البريطانية في المجال العسكري أو الصناعي أو الفضائي أو الطاقة المتجددة التي تسعى المملكة إلى توطينها لا سيما أنها ضمن رؤيتها 2030م حيث تسعى إلى توطينها والتخلّص من النفط كمورد وحيد للاقتصاد الوطني. *محلل سياسي وخبير استراتيجي وأمني.