الخضير وهو حب الذرة الرفيعة الذي تشتهر بزراعتها المنطقة وتكون ذات لون قريب للخضرة أكثر من الحمرة أو البياض الذي تعرف به تلك السنابل عندما تكون في آخر مرحلة من مراحل نضجها. ويتكرر موسم “الخضير” أربع مرات في العام. ويتوجه معظم سكان جازان وزائروها بمختلف أعمارهم إلى المزارع للحصول على “الخضير” والاستمتاع بالأجواء الدافئة التي تشهدها المنطقة هذه الأيام. ويمتاز الخضير بنكهة مميزة وطعم فريد لا يمكن أن يجده المتذوق في الحبوب حال اكتمال نضجها، ما جعل الأهالي يتسابقون على تقديمها كهدايا يقدمها أصحاب المزارع لجيرانهم الذين لا توجد لديهم مزارع أو لم يتمكنوا من زراعة الذرة خلال الموسم. ول”الخضير”عدة طرق يقدم بها، فهناك من يفضله على شكل أقراص من الرغيف عادة ما يقمن النسوة بخبزها في التنور الذي يضفي عليها نكهة ومذاقًا ممزوجين برائحة الخضير والفحم الرائعتين، وهناك من يفضله على شكل حبوب يتم طبخها في الماء مع إضافة كميات الملح المناسبة للمياه, ويمثل فصل الخريف اهتماماً كبيراً لأهالي جازان كون المنطقة زراعية تمتاز بزراعة عدد كبير من المحاصيل بشكل دوري طوال السنة، وتشكل اهتماماً كبيراً لملاك الأراضي ، ولأن جازان مزرعة مفتوحة لا يمكن أن تجد أهل دار لا يمتلكون مزرعة كبيرة أو صغيرة أو حقلاً في أحد أوديتها. ولأن الخريف هو سيد الفصول في جازان فإن هذا الفصل لا يمكن أن يمر دون أن تزدحم أوقاته بانشغالات ملاك تلك الحقول بحقولهم حيث يوقت كبار السن لهذا الفصل بشكل جيد وينطلقون في إعداد أراضيهم وحرثها وزراعتها بمحصول الذرة الرفيعة ، ولا تكاد تجد واديًا من أودية المنطقة إلا وقد اخضر واعتلت قمم قصباته عذوق الذرة المحمرة تارة والمبيضة تارة أخرى ولا أشهى ولا أهم من مراحل استواء محصولهم حيث يمر بمراحل استواء لها تسمياتها الخاصة والتي يحرص المزارعون على حمايتها من عبث العابثين سواء من المارة أو من الطيور التي تحتشد في مثل هذا الموسم الزاخر بالخيرات. وهذه المرحلة يتميز فيها الحب باللين والطراوة حيث يكتسب اللون الأخضر المشوب بشيء من البياض وتكون الحبة مشبعة بالماء ، وبرائحة خاصة وطعم مميز . تقطف عذوق الذرة اللينة الطرية وتجمع ثم تفصل الحبة عن سنبلتها بضرب العذق بعصاة نحيلة أو بجزء من ساق القصبة التي تحملها ، ثم تجمع وتغسل وتطحن لتتفنن بعد ذلك ربات البيوت في صناعة أطباق مختلفة من تلك الحبات ، فمنهن من تصنع أقراص الخضير بخبزها في التنور وتؤكل مع الإيدامات أو اللبن ، أو قد تصنع منه أطباق “المرسة” وهي الأكلة الأشهر في جازان ، وقد يصنع منها ” المفالت” الذي قد يطعم بالسمن والعسل وهناك من يفضل أن تطبخ بالماء سلقاً ويضاف إليها الملح حسب الرغبة ويسمى هنا “المسهى”. كما يفضله البعض مشوياً ، حيث يشوى على الفحم وهو في عذوقه ، أو يحمص في إناء بحيث يصل إلى مرحلة استواء معينة ، وفي أي حالة كان أو بأي طريقة أعد يظل “الخضير” وجبة غنية تراثياً وغذائياً يتهافت عليها الكثير من أبناء جازان ، ويمثل موسماً مهماً وجاذباً وفارقاً في سلسلة المواسم التي تزخر بها جازان ، ويعد لها العدة وتجتذب الكثير من أبناء المناطق المجاورة وزوارها القاصدين التعرف على موروثاتها وثقافاتها المتنوعة . ولعل تهامة جازان هي الأغنى والأشهر بزراعة الذرة في موسم الخريف حيث تشتهر أودية بعينها بزراعة الذرة الرفيعة كوادي بيش ووادي صبيا ووادي خلب ووادي تعشر ووادي بن عبدالله ومزارع الخشل والخوبة والموسم وهي أودية طينية، حيث تجود فيها زراعة هذا النوع من المحاصيل خلاف ” الخبوت” ذات الطابع الرملي والذي تجود فيه زراعة محاصيل أخرى كالدخن والمانجو والمحاصيل الخضرية. وأخيرًا نفذ مركز نادي خلب الاجتماعي بالمسارحة وبالتعاون مع المزارعين بقرية القائم والكروس والبيطارية والعر (مهرجان يوم الخضير الثالث ) قبل أسابيع وبحضور عدد من الأهالي وكبار السن ومحبي أكلة الخضير الشهية والمشهورة بجازان. ويوم الخضير يسمى عند المزارعين”المخويدة ” وهي عادة توارثها أهالي جازان حيث يقوم المزارعون صباح يوم “المخويدة ” بتوزيع (هدية عذقة الخضير ) على الأصحاب والأصدقاء مجانا وهي عادة تدل على كرم المزارعين وفرح بنجاح موسم زراعة الذرة وشكر الله على سلامة المحصول من الآفات.