* قبل إحدى عشرة سنة تقريبًا، وتحديدًا في (13 مايو عام 2005م)، نقلت صحيفة «الجزيرة» حديثًا لمسؤول في وزارة الصحة، جاء فيه ما نصُّه: (لكلِّ ممرضٍ لدينا وظيفةٌ حتَّى عام 1440ه)؛ هذا التصريح الفصيح طار به الشباب، فتهافتوا بعدها على دراسة التمريض؛ بحثًا عن التَّعيين المؤكَّد! * وهَذا مَا استغلَّه بعض رجال الأعمال، الذين سارعوا في إنشاء المعاهد الصحيَّة الخاصَّة؛ لاستيعاب الطلاب الطامحين، مقابل رسومٍ كبيرةٍ تحمَّلتها أُسَر أولئك الشباب المساكين، وأغلبهم من ذوي الدخل المحدود! * والمحصلةُ بعد أقلِّ من ثلاث سنوات من ذاك التصريح، غادر ذاك المسؤول منصِبه، ومعه تَاهَ تصريحه؛ فتحوَّل الآلاف من (خريجي التمريض، وغيرهم من خريجي الدبلومات الصحيَّة إلي أُسَارَى لدائرة البطالة)؛ فوزارة الصحة هكذا فجأة ودون مقدمات، أو اعتبارات قرَّرت اعتماد اشتراطات جديدة، للحصول على وظائفها، أقصت أولئك الغَلابة! * هذا نموذج كتبتُ عنه سابقًا، وقد تذكَّرته وأنا أرى استمرار فوضى التصريحات، والقرارات التي يُمارسها بعض مسؤولي المؤسَّسات الخَدَمِيَّة؛ والتي ضحيَّتها تعثُّر تنمية وطن، ومواطنون مساكين يدفعون أعمارهم، وأموالهم، ومستقبلهم فاتورة لها! * أولئك المسؤولون -دون خطط أو إستراتيجيَّات واضحة- (فقط يُقَرِّرون، ويُصَرِّحُون)، وكأنَّهم مؤمنون بالقاعدة الشعبيَّة التي تقول: (الكلام ما عليه جُمْرك)! * وهنا، ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، ولحساسيَّة المرحلة التي تعيشها بلادنا، ولكي يكون دائمًا على تصريح المسؤول وقراره (رسوم وجمَارك)، ولحماية الوطن والمواطن من أيَّة تخبُّطات؛ فلابدَّ من جهة، أو هيئة عُليا تحاسب مسؤولي الجهات الخدميَّة على ما يُصرِّحون به، وعلى سياساتهم وقراراتهم، وما يترتب عليها! * فمثل تلك المحاسبة العادلة والشفَّافَة ستَنْقُلُ بعض مؤسَّساتنا من العشوائيَّة والفرديَّة إلى ساحة العمل المؤسَّسي، الذي لا يرتبط بالأشخاص؛ وإنَّما يعتمد التخطيط بعيد المدى في كل مسارات وبرامج التنمية. [email protected]