جاء في أخبار الأسبوع الماضي أن جامعة «هارفارد» نجحت في جمع أكثر من سبعة مليارات دولار ( دولار ينطح دولار ) في حملة تبرعات ضخمة شارك فيها الأمريكان بكافة شرائحهم وعقائدهم ،بغرض دعم الجامعة العريقة وتمويل مبادراتها الأكاديمية الجديدة ! . الحملة التي كانت تستهدف تحصيل 6.5 مليار من جيوب دافعي الضرائب الأمريكان حققت هدفها و( نص ) ، في أكبر حملة تبرعات يشهدها قطاع التعليم عبر التاريخ ، استمرت لثلاث سنوات كاملة . أعترف لكم أن مثل هذه الأخبار تثير غيرتي جداً، وكثيراً ما تدفعني للتحسر، ليس على حال جامعاتنا ( التي تعيش هذه الأيام حروباً طاحنة مع الطلاب بسبب قلة المقاعد وضيق ذات اليد ) فحسب ، بل إن ما يثير الغيرة أكثر هو هذا الإقبال الكبير من المجتمع الأميركي الذي كثيراً ما يثبت أنه أقوى من الحكومة الفيدرالية في دعمه للمؤسسات العلمية والصحية رغم الضرائب التي يدفعها ، وهذه دلالة على نضج تجاه العمل الخيري، ودعمه لجامعة تعتبر ( فسقانة جداً ) بمعاييرنا خيرُ شاهد ، فهارفارد التي تعتمد على الأوقاف منذ العام 1870 تمتلك أكبر وقف أكاديمي في العالم تصل قيمته إلى حوالي 37.6 مليار دولار ( وامسكوا الخشب ) . الأوقاف التعليمية هي مصادر تمويلية تتم تنميتها داخليًا، أو من خلال هبات رجال الأعمال والخريجين السابقين، أو حتى من خلال جمع التبرعات من المواطنين ، وهو أسلوب تمويلي يضمن لها الاستمرار والإبداع ،ولا يعد عيباً أو منقصة في حق أحد ، فالتاريخ يشهد بدور الأوقاف العباسية والعثمانية في السابق ، وهاهو اليوم يحدث في أكبر اقتصادات العالم ، كما يحدث في اقتصادات ناشئة مثل الهند التي أعلنت قبل أشهر أن أكبر داعمي التعليم في البلاد ليست الحكومة ، بل الأوقاف التعليمية . سأختم بالأسئلة التي لابد أنها تتزاحم أمامك الآن إن كنت قد وصلت معي إلى هذا الجزء من متن المقال وهي : الى متى ستستمر جامعاتنا السعودية في اعتمادها على الرعوية الحكومية .. وأين هي من سياسة الأوقاف الاستثمارية لدعم مشاريعها وتحدياتها المستقبلية ؟! والأهم إلى متى سينظر مجتمعنا إلى دعم المؤسسات الحكومية نظرة ريب وإحجام بحجة ( ما حنا أقوى من الحكومة ) ؟! [email protected]