تطبيقات التقنية لا حدود لها تقريباً، منها المفيد ومنها الضار. آخر التطبيقات مقترح تقدم به ثلاثة من الباحثين الصينيين أحدهم يعمل في جامعة أمريكية والآخران في جامعة في العاصمة بكين. التطبيق يقتضي من المقيمين والمواطنين في العاصمة بكين شراء بطاقات إلكترونية دائمة للتنقل باستخدام وسائل النقل العام، على أن يتم شحنها أو اقتطاع مستحقاتها من حساب بطاقته الائتمانية، ومن هنا يمكن نظرياً تتبع 6 ملايين مستخدم في بكين وحدها، والخلوص إلى كم هائل من البيانات الشخصية عن سلوك كل راكب يومياً، والمحطات التي يتوقف عندها أو يغير عندها المحطات أو وسائل النقل (الترام- القطار- الباص....). عملياً يتخذ الفرد أقصر الطرق إلى عمله أو بيته عبر وسائل النقل المتاحة، بل ويكرر ذلك طوال أيام الأسبوع (عدا عطلة نهاية الأسبوع)، ولذا فإن بإمكان النظام المركزي أن يفرز أولئك الذين يسلكون طرقاً غير منتظمة للوصول من نقطة إلى أخرى مما يثير الشكوك حول تنقلاتهم والأهداف التي وراءها. وللعلم فقد تمت تجربة النظام لمدة 3 أشهر عام 2014م (أبريل إلى يونيو)، ونجح في مساعدة رجال الأمن في القبض على 93% من النشالين، الذين عادة ما يتنقلون بطرق غير منتظمة، إذ يغيرون مواقعهم باستمرار ليتفادوا تعرف الضحايا عليهم، وليكتشفوا ضحايا جدداً كل يوم. السر هنا في جمع المعلومة ثم تحليلها والتعرف على أصحابها، ثم إلقاء القبض على من هم مجرمون محتملون، فمثلاً الفرد المتسكع الذي لا عمل له، الذي يتنقل بصورة عشوائية، ثم تبدو عليه آثار يسر، يمكن تتبع مصادر دخله المادي، فإذا وُجد أن لا مصدر واضح له، كان احتمال ممارسة النشل أو السرقة عالياً جداً. ويقول أصحاب التطبيق أن في الإمكان تطوير الآلية نفسها للتعرف على مدمني الكحول مثلاً أو متعاطي المخدرات أو مروجيها، وكذلك المشردين التعساء وغيرهم. تلكم أحد الآفاق الواسعة للتطبيقات التقنية المفيدة، ومع أن معارضيها ينددون بها لانتهاكها خصوصية الإنسان، ودعم فكرة مراقبة الدولة لمواطنيها والمقيمين على أرضها، والتعدي على جزء أصيل من الكرامة والحرية والإنسانية.!! لكن للضرورات أحكام، وللأحكام استثناءات، والاستثناءات تولد من رحم المشكلات. [email protected]