(الوسَطية) ذلك المصطلح البّرّاق، تلك (الفضيلة) التي تبحث عنها المجتمعات الإنسانية، هُروباً من التّطَرّف ذات اليمين وذات الشِمال. (الوَسَطِيّة) تلك التي يَدعي كل فريق أو تيار فِكري أنها له، وأنها سَبِيله؛ هي في حقيقتها وجوهرها منهج ديننا الإسلامي الحنيف، فقد أصّل لها، وجعلها شِرعة له ومنهاجاً. (وسطية الإسلام) لا تأخذ بجانب التنظير، والفِكْر فقط، بل هي تَشريع وتطبيق يشمل مناحي الحياة كافة في كُلّ تعاملاتها اليومية! فالمُمَارَسَة الإسلامية الوسطية كانت من أبرز عوامِل ووسائل انتشار (الإسلام) في أصقاع الأرض؛ حيث وجدت فيه الشّعوب السماحة والعدالة والبعْد عن الجُنوح والمَيْل. أما مُعاناة بعض المجتمعات الإسلامية في عصرنا اليوم من صُور الإرهاب والتّطرف؛ فسببها البُعْد عن وسطية الإسلام وتطبيقاتها! ولذا فالواقع يفرض اليوم أن تَضطلعَ مختلف المؤسسات العلمية والمجتمعية والمنَابِر كافة بنشر ثقافة الوسطية، وتعزيز تطبيقاتها في الفِكر والتعاملات الإنسانية، والإفادة من وسائط الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لغَرْسِهَا في النّفوس لتكون سلوكاً لكل مُسْلِم، وكذا لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام، وبيان أنه دين العدل والسماحة التي تحتاجها البشرية! و(الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة) التي افتتحت قبل أكثر من (50 سنة)، وتحديداً منذ العام 1961م، لخدمة الإسلام، وتعليم أبنائه؛ حيث تخرج فيها حتى اليوم ما يزيد على (70 ألف طالب)، يرجعون إلى أكثر من (200 دولة وإقليم حول العَالَم)، عادوا لأوطانهم ليخدموا مجتمعاتهم، وقد امتطى العديد منهم مناصب قيادية فيها، فمنهم رؤساء ووزراء وقضاة وأعضاء هيئة تدريس، ومعلمون، ودُعَاة، كان ولايزال فكرهم وسطياً معتدلاً. (تلكم الجامعة العريقة) وهي تنظم الثلاثاء القادم في (مدينة مورونِي) عاصمة جُزر القمر فعاليات (ندوة الوسطية في القرآن والسنة وتطبيقاتها المعاصرة في المملكة العربية السعودية وجمهورية القمر المتحدة) تحاول أن تقوم بدورها في خدمة الإسلام والمسلمين، وفي ترسيخ ثقافة ومفهوم الوسطية أكاديمياً وعلمياً؛ فالشكر للقائمين على الجامعة ولمديرها المكلف الأستاذ الدكتور إبراهيم بن علي العبيد، ولفريق العمل المنظم لتلك الندوة، والأمل أن تتحول توصياتها إلى واقِع فِعْلي وتطبيقات سلوكية وميدانية. [email protected]