فجعتني «خدمات سامية»، «ورسالات إنسانيَّة»، شابها كثيرُ زيف ومصالح وتدليس، وضحكات ريبة وبلاهة! غفلتُهم شخصت مرضًا ما كان فيكِ، وعجلتهم جربت أدوية لم تنفعك. ثم عرفنا، حيث هربنا، أن مرضكِ لم يكن يحتمل تأخير يوم من عبثهم. يمّمتِ سفح قمة الخير لما بدأتِ على كبر حفظ دستور السماء ونجحتِ، فأتاك ابتلاء الحب ممَّن وضعتِ كلامه في قلبك، فرضيتِ بمصابك، وأمهلتِ أدعياء الطب إلى يوم لا يغادر الكتابُ صغيرةً ولا كبيرةً إلاَّ أحصاها. تعلّمت منكِ الجلَد والصبر، والاعتماد على الذات في كل أمور الحياة. إعراضك عن الجميع في شؤونك، ومَن ربيتِهم وتعبتِ من أجلهم هو سرُّ الحياة الحقّة الكريمة. ربما أزعجتُك بأمور، وربما أرضاك بعضها. كنتُ أخلط بين الأولويات ممَّا مررت به، وأنتِ مررتِ بخطوبٍ وكروبٍ أسوأ منها تغليفها بالحب والاهتمام! قبلتِ متفائلة بكنز لا يفهمه أدعياء العقل. اخترتِ مرافقة النبيّ في الجنة بتربيةٍ أعجزت أقوياء، وقصُر عنها أغنياء، وتحرّج من دونها شرفاء. أرسل لك، بعد عامٍ من سفرك، شكرًا لقدوة أنسك بالله، وللابتسام في المحن والإصرار على البر رغم الظروف والعقبات. وأرسل دعائي ويقيني بوصولك القمة، تقرئين وترقين. لطّف فراقنا جلوسنا قبله، مخلصين صادقين، نتناجى بأرق الكلمات وأعذب الذكريات، من أجل التسامح والمودة والأجر، لعلنا نجتمع في محط سفرنا، في نعيم مقيم. رحمك الله، فإلى اللقاء أيّتها الخالة العزة العزيزة.