كنت ولا أزال على تواصل مستمر مع احد الزملاء الكتاب في صحيفتكم المميزة بشان معاناته مع بعض أقاربه من جهة والدته وعندما علمت بأن الشعرة الوحيدة التي كانت تربط بينه وبينهم قد انقطعت تماما بسبب مقلب جهنمي لا يخطر على بال شيطان رجيم من احد زملاء أصدقائه عندها لم أتمالك نفسي من البهجة !! نعم أعلم أنكم قد تتعجبون من ردة فعلي المستغربة هذه ولكن إذا عرف السبب بطل العجب. بصراحة تحمست كثيرا لنشر قصته بالكامل عندما اتصل بي وسعيت جاهدة لتحقيق ذلك في البداية قبل نشري لها في موقعي الخاص وكنت قد خصصت لها جزءا كبيرا في منتدى موقعنا فطلبت منه أن تكون قصته مفصله تفصيلا كاملاً من بداية زواج والده من والدته حتى نهاية أخر يوم لمقاطعة أقاربه له بسبب ذلك المقلب ولكن يا فرحة ما تمت . اتصل بي صباح اليوم التالي معتذرا بشدة عن عدم رغبته في نشرها احتراما للوعد الذي قطعه لزوجته التي ألحت عليه عدم نشرها وإتباع { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }الشورى40 في الواقع لم أكن مستعدة لقبول هذا الاعتذار في البداية وحاولت كثيرا أن أثنية عن ذلك ( ليس لأني أبحث عن نشر سخافة أقاربه بل كنت متمسكة بنشرها ليتعظ القاصي قبل الداني باستفحال مشكلة القطيعة التي انتشرت كالنار في الهشيم في أوساط كثير من العائلات في مجتمعنا فأصبحت القطيعة والسعي لها أسهل من شرب الماء المعدني ) وللأسف لم اخرج بنتيجة معه مع أني تحايلت طويلا عليه حتى ببعض أسلحة المرأة ألا وهي الدموع فطلبت منه تقدير جهودي التي بذلتها وخصصتها لنشرها والموافقة على نشر بعض رؤوس أقلام الحلقة الأخيرة من نهاية قطع علاقتهم به والتعليق على مجريات أحداثها فقبل ذلك شريطة أن تكون للعرض العام وليس الخاص وللعبرة للقراء بخطورة قطع صلة الرحم . وأحداثها ما يلي: في يوم الجمعة الموافق 6 من ذي الحجة لهذا العام وفي تمام الساعة 11.30 مساء قام أحد زملاء أصدقاءه باستغلال فرصة وجود زميلنا في احد المطاعم المعروفة في محافظة الخرج ونسيان جواله في سيارته التي كانوا جميعا فيها فقام بإرسال عدة رسائل من جوال زميلنا ( والتي قدرت فيما بعد ب 14 رسالة نصية ) إلى بعض أقارب زميلنا والتي لم تكن علاقتهم به على تواصل جيد وكذلك إلى بعض أصدقائه وحتى العامل الميكانيكي الذي يتعامل معه لم يسلم منها ! ومضمون الرسالة كالتالي ( أحسن الله عزانا وعزاكم بوفاة أخونا / ...... ...... الذي أنتقل إلى رحمة الله تعالى مساء اليوم والذي سيصلى عليه في جامع .......... والعزاء في منزل العائلة نسأل المولى أن يسكنه فسيح جناته إنا لله وإنا إليه راجعون ). وزيادة شيطانية على حبكة المقلب كتب في الرسالة ( أخونا ) أي أن أخ المتوفى هو من قام بإرسال الرسالة من جوال المتوفى لأنه لا يعقل أن يقدم المتوفى على إرسال رسائل نصية من جواله فينكشف المقلب وقام كذلك بتحويل جميع المكالمات الواردة إلى جوال زميلنا إلى رقم مقطوع ليعتقد المتصل المسكين الذي يريد أداء واجب العزاء أن رقم المتوفى قد تم إلغاءه من الخدمة مؤقتا. حسنا , أبصم بالعشر أن كثيرا منا ستنطلي عليه الحيلة لو وقع في مثل هذا المقلب ولكن لا أعتقد أن هذا المقلب سيمر على من هو على علم بمشكلة القطيعة بين العائلتين أو على الأصح الثلاث .! توالت الاتصالات من جميع من وصلتهم الرسائل سواء من الأقرباء أو الأصدقاء بخلاف العامل الهندي ! دون فائدة وزاد الطين بله عدم معرفتهم مقر سكنه للتأكد من النبأ لأن صداقتهم كانت عامة لم تصل إلى الضيافة في المنزل وأما الأقارب فحدث ولا حرج فلا يعلمون شيئا عن مقر سكنه بسبب قطيعتهم له مع أنه كثيرا ما ألح عليهم لقبول دعوته لهم في منزله دون جدوى ولو أنهم قبلوا بذلك لنكشف الملعوب ولكن لا حياة لمن تنادي !! فلم يعلم زميلنا بهذه الأحداث لعدم ورود أي مكالمات إليه بسبب ذلك التحويل الجهنمي إلا في مساء اليوم التالي . حين قام خال زميلنا الذي كان منذ عدة سنوات يخفي عن أبن أخته ( زميلنا) نبا زياراته لأخواته السبعة المتزوجات والمقيمات في مختلف ضواحي محافظات منطقة الرياض ولم يكن يدري أن زميلنا على علم بتلك الزيارات..ونعم الخال!! قام بالاتصال على زوجة زميلنا التي كانت حينها صائمة والتي لم تتمالك أعصابها من هذا الخبر السيئ ,فصادف ذلك دخوله لمنزله فأخبرته بالنبأ فضن أنها ربما مزحة سخيفة من أحد الأصدقاء فأخذ السماعة وتحدث مع المتصل الذي لم يكن يعلم حينها أنه خاله فرد عليه خاله سؤال في قمة البلاهة ( حي الله المتوفى )!! فسأل من يكون المتصل فأخبره بأن المتصل هو خاله !! تفاجئ كثيرا بهذا الاتصال الغير متوقع والخال الذي لم يكلف نفسه عناء التحقق والتثبت من صحة الخبر كان يعتقد بأن زميلنا هو من أرسل الرسالة ( يا سبحان الله ! ) فطلب من زميلنا أن يقاطعه للأبد ونسي أو تناسى بأنه في الأساس مقاطع لزميلنا منذ عدة سنوات ولم يكتفي فقط بهذا بل حرص كثيرا على أن لا يفوت هذه الفرصة الذهبية فأخذته العزة بالإثم وطلب منه أيضا أن يقاطع كافة أقاربه صغارا وكبارا وبالتحديد خالاته المقيمات في الرياض وضواحيها ( عفيه عليك من خال ) مع أنه يعلم أن زيارة زميلنا لخالاته تعد على أصابع اليد الواحدة في السنة بسبب تصريفهم الدائم له ناهيك عن مجاملاتهم كل مرة بأنه مرحب به دائما وأعينهم لا تكاد تفارق ساعة أيديهم متى يخرج! مجاملات سخيفة لا أقل ولا أكثر. علم زميلنا بأمر المقلب, وزاد غضبه زيادة على غضبه خاله الذي لم يحسن فهم المقلب هذا وطريقته الغير مسئوله واللاعقلانية وحرصه الشديد على إثارة نار القطيعة بينه وبين خالاته فألحت زوجته على البقاء في منزل أهلها فترة من الوقت لتهدأ وأنه ما كان يجب عليه إخبارها بذلك الخبر السيئ وقد علم للتو حقيقة المقلب بعد أن أخبرته بأن زوجها خرج قبل نصف ساعة !ولكنه ربما عندما علم بأن أبن أخته حي يرزق تعمد ذكر نبأ وفاة زوجها بدافع الانتقام !واعجيباه ! ذهب زميلنا لصديقة الذي يعرف صاحب المقلب وكان ثائرا جدا ولكن لحسن الحظ لم يجده هناك فذهب مسرعا لرؤية خاله والبقية المقيمين عند إحداهن في محافظة صغيرة تبعد عن الرياض ما يقارب 200كلم دون أي تحضير مسبق لذلك وتفاجئ حين لم يرى في خاله بوادر السفر والإرهاق والقلق !! فكتم ذلك في نفسه فطلب زميلنا استيضاح الأمر فأخذ الخال يسهب في الكلام دون توقف وبأريحية تامة فتطرقوا إلى قضية القطيعة بينهم . هنا سقطة الأقنعة وبان المستور وتعرت الحقائق أمام زميلنا ..... كيف ذلك ؟ الخال لسوء حظه العاثر لم يكن على علم مسبق بأنه أمام رجل درس علم النفس ولغة البدن ولديه خبرة كافية في معرفة الحقائق من خلال عين الجالس أمامه وحركة يديه وجسمه اللاإرادية .. فاضطر زميلنا إلى مسايرة خاله لأنه لم يحظر هنا إلا لمناقشة أمر الرسالة وليس لإشعال الموقف أكثر مما يحتمل أو إعطاء أعذار لذلك. هناك مقولة بأن الغلبة للصوت المرتفع .. وقد لاحظها زميلنا من تصرفات خاله مما جعلته مضطرا آسفا لمجاراته برفع الصوت كذلك مع علم زميلنا أن رفع الصوت حجة الضعيف ولكن قد تضطر أحيانا لصد الصوت بالصوت العالي. والمضحك أن الخال كان يضع اللوم عليه بأنه لم ينفذ وعدة بالسعي للإصلاح ذات البين !! ونسي مجهودات زميلنا التي بذلها بكل إخلاص للإصلاح ذات البين وربط الوصال بين الجميع وأنا شاهدة على كل ذلك خطوة بخطوة . ولكن للأسف لم يكن هناك أي تشجيع أو تجاوب يذكر من طرفهم لمد يد الصلح بل كانوا مسارعين على النقيض تماما وللأمانة البعض وليس الكل وكيف لا وهم كثير ما يقاطعونه ثم بعد سنه يتواصلون معه أيام ثم يقاطعونه وهكذا دوالي ؟! فليس مستغربا أن يفشل في مسعاه للصلح ذات البين والفضل يعود لهم بالطبع ومع إصرار الخال على أن والدة زميلنا هي المقاطعة لهم أخبرهم بحقيقة مرض والدته وأنها مريضة بالقلب ولا تستطيع إجهاد نفسها ولإظهار الحقيقة أمام الجميع سأل إحدى الخالات التي كانت حاضره اجتماع العائلة سؤال واحد فقط كان تأثيره كالصاعقة على رأس الخال حين سألها أمام الجميع إن كان قد هيأ لها سبل الاتصال بأمه لتهنئتها بالعيد سابقا أم لا ؟ فأجابت بكل تردد : نعم . فطأطئ الخال رأسه لكشف زيف إدعائه {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }الأنفال30 فما كان من زميلنا إلا أن قام وخرج من المنزل عائدا إلى الخرج لعدم جدوى التفاهم معهم وانعدام النية الصادقة للإصلاح من طرفهم وبعد 10 دقائق اتصل الخال به طالبا منه الرجوع لحل هذه القطيعة ووعده بأنه سيعمل على ذلك بصدق فرجع زميلنا إكراما للصلح فقط ليس إلا حتى دخل على الخط زوج إحدى الخالات المقيمات بجوار زميلنا بحوالي 20 دقيقة بالسيارة والذي كان ولا يزال حجر عثرة أمام زيارته لها والذي جعل من هذا الصلح الخير رمادا كأن لم يكن قوله تعالى:{ وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1 وانتهت العلاقة بين زميلنا وأقاربه بانتهاء الموضوع هنا الخلاصة : هناك مقولة سمعتها من زميلنا وهي : ليس الغبي سيد قومه..............وإنما سيد قومه المتغابي ومعناه : أن يحاول الإنسان أن يتغاضى عن كثير من الأمور ولا يدقق في كل صغيرة وكبيرة وهذا بحق كان ديدنه في بعض الأحيان لست من دعاة القطيعة بين الأرحام لأنه لا يدخل الجنة قاطع رحم أو ساعي في ذلك بل أحث عليه في كثير من مواضيعنا ولكني مع هذا أرفض رفضا قاطعا التواصل مع أي أقارب لي من هذا النوع وخصوصا إذا كان هناك ضررا سينتج من هذا التقارب فالدين لا ضرر ولا ضرار والله سبحانه كما هو حرم قطع حبل الأرحام بين عبادة حرم أيضا أن يضر العبد نفسه وأن يضر العبد أخاه فكيف إذا كان هذا العبد قريب ذلك ؟ صحيح أني كثيرا ما طلبت منه إعادة النظر بجدية في مسعاه لربط العائلتين لعدم جدوا هذا المسعى ولا أزال إلى الآن فالحب الكبير الذي يبادلهم به هو من طرف واحد وعلاقتهم به هي في حقيقة الأمر مجرد مجاملات باردة ميتة لن ترى النور قط وأقسم بهذا , لكن ومع هذا كنت أجد منه إصرارا كبيرا على المحاولة دون كلل أو ملل زميلنا الكريم رسالة أوجهها لك من القلب إلى القلب أقبل صراحتي هذه بقلب واسع فو الله هي في نظري معادلة صعبة أن تناشد وصال من قطعك ويحث على قطيعتك ليل نهار بين الآخرين معادلة صعبة أن تستنزف دقيقة واحدة من حياتك لتحقق المستحيل معادلة صعبة أن تخسر هلله واحدة من أجل أشخاص تأخذ ولا تعطي معادلة صعبة أن تحرج نفسك كثيرا أمام من يبتغي فرقتك معادلة صعبة أن تعاشر من يثرثر بالسوء خلف ظهرك بالفعل هي معادلة صعبة لن تجد لها قط حلا في القريب ولا على المدى البعيد قد تستغرب لهفتي الجامحة على سرعة إنهاء كل ما يربطك بهم صغيرا كان أم كبيرا وبالتحديد تلك الخالة الذي أزعجني كثيرا مناداتك لها بالحنونة اعذرني حتى الصغير منهم سوف يتربى على بغضك وكرهك لأن الحليب واحد كلماتي الصادقة التي استحلفك فيها بالله أن تنهي كل ما كان من المفترض أن ينتهي قديما وأنظر إلى الأمام وإلى مستقبلك وتفرغ إلى حياتك السعيدة التي كدت تذبل وردها ورحيقها بكثرة نسيانك لها من أجل أناس نسوا الرابط السامي والوثيق الذي بينك وبينهم فأصبح ماءً غورا اشتري من اشترى وصالك وبع بأرخص الأثمان من باع وصالك ثق تماما أن الحياة لن تتوقف عند نسيانك لأمرهم بل ستسير إلى الأمام وأفضل بكثير نعم أخي الكريم لست أنت الخاسر الأكبر هنا بل هم فردا فردا فأحبابك كثر ومن خلالهم ستنسى الماضي الأليم وستشرق لك شمس الأمل أقسم لك بأني فرحت فرحا كبيرا لأجلك حين علمت بأمر ذلك المقلب والذي أفضل تسميته بالخلاص الذي طال انتظاره {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }البقرة216 الم ترى كيف جاء إليك صاحبك في اليوم التالي دون تردد وأنت الذي هددت بتلقينه درسا لن ينساه طوال حياته ؟ الم ترى كيف أعترف أمامك بخطئه وكيف أبدى لك أشد ندمه وأسفه ؟ قف قليلا مع نفسك وأنظر بعيون ثاقبة إلى الفوائد الهائل من هذا المقلب من كشف لكثير من الحقائق التي أجابت عن كثير من الأسئلة التي كانت تؤرق حياتك . فرب ضارة نافعة ولو كنت مكانك أخي الفاضل لقبلت رأسه وجعلته مقربا عندي وللحديث بقية... دلال العيسى