قبل سنوات قَدّمْتُ حَفْلًا في (بَاوِتْشِي) إحدى ولايات (جمهورية نيجيريا)، وقَد اجتهدتُ حينها أن أُقَدِمَ فقَراته إضافة إلى اللغة العربية بلغة أهل البلد (الفُلانِيّة أو الفُلاتيِّة)، بكلماتٍ حَفّظَنِي إياها أحد (طُلابي هناك). يَومها رُفِعَتْ بيارق البهجة في مكان الحَفْل الذي احتضنته صالة رياضية كُبرى، ثم بعد ذلك في وسائل الإعلام النيجيريّة، لا لِشَيء إلا لأنّ (عَرَبِيًّا) نطق في بلادهم بلغتهم، ويشهد على تلك الحكاية الشيخ الدكتور محمد بن زربان الغامدي إمام مسجد قباء، ورئيس تلك الدورة العلمية التي كان ذاك الحفل ختَامًَا لها. ذلك المشهَد تذكرته ومدير عام العلاقات العامة والإعلام بوكالة شؤون المسجد النبوي الشريف المستشار (عبدالواحد الحطاب) يؤكّد أن الوكَالَة قَد أنهت تركيب أربع لوحات كبيرة ترحيبية بزائري المسجد النبوي ب(سبع لغات) على مداخل المدينةالمنورة، تحمل عبارة (قَدومكم أسعدنا، وراحتكم مطلبنا). فتلك لاشَك لمسَة إنسانية رائعة (يُشكر كثيرًا القائمون عليها)، لعلها تُعَمّمّ في مختلف أرجاء طيبة الطيبة، ولاسيما في الأماكن التي يرتادها الحجاج والمعتمرون، فمخاطبة الناس بلغاتهم، يجعلنا أقَربَ لهم، ويزرع في نفوسهم محبتنا، أيضًا وجُود حروفهم مرسومة في المدينة النبوية، وبالقرب من مسجد المصطفى محمد -صلى الله عليه وسلم- يُشْعِرهم بالفرح، وبالانتماء لهذا المكان الطَاهِر، وهذا بالتأكيد ما نسعى إليه. (هَمَسَاتٌ وكَلِمَاتٌ لِيْسَت كالكلمات): هناك كَلمات أو عبارات، ما هي إلا جَواهِرُ، قراءتنا أو سماعنا لها يَعْزِف على أوتار قلوبنا، ومنها (نستلهم حكمة، أو نبدأ خطوة إيجابية)، ومما قرأتُ، ووصَلني هذا الأسبوع: * كَما تَفْخَرُ بأَجْدَادِك، اصِنَع مَا يجعَلُكَ فخْرًا لأبنائك وأحْفَادِك. * قَال رجل لِصديقهِ وهَو يتأمّلُ عِدة قصور فاخِرة: أين نحنُ عندما قُسِّمَت هذه الأموال، وهنا أخَذه صَاحبه لأقرب المستشفيات، وخَاطبه: وأيْن نحنُ عندما وُزِّعَت تلك الأمراض، فلعلنا نحمد الله على كلّ حَال. * قالوا: الدّنيا ثلاثَة أيام: (أمْسِ) وقد عِشْناه وغَادرنا ولَن يَعُود، (واليَوم) الذي نَعِيْشُه ولن يَدوم، (والغَد) الذي لا ندري حِين يأتي أين سَنَكون، فأنا وأنت وهم جميعًا رَاحِلُون. [email protected]