في أدبيات الاقتصاد يقولون: إن رأس المال (جبان) و(خواف) جداً.. لكن أحداً لم يخبرنا يوماً أنه يمكن أن يكون (مستفزاً).. بل و(وقحاً) ومحبطاً أيضاً!. من حق أي مواطن مهما كانت درجة ثرائه أن يقول رأيه بكل حرية، خصوصاً إن كان هذا الرأي مبنياً على تجربة وخبرة شخصية.. لكن ليس من حق أحد أبداً؛ ومهما كانت صفته أو تجربته أو ملاءته المالية أن يُعمّم رأياً على شعب كامل، أو أن يستفز شريحة أو طبقة بعينها من خلال وصفها بصفات مشينة كالكسل أو الدلع أو الفشل. مشكلة بعض أثريائنا -زادهم الله بسطة في المال والعقل- أنهم يعتقدون أن نجاحاتهم ومراكزهم المالية وتجاربهم غير المنصفة مع الشباب تُخوّلهم بأن يقولوا فيهم ما يشاءون، وأن يستفزوهم بتصرفات وتصريحات أقل ما يقال عنها أنها تزيد الجفوة بينهم وبين الناس.. المشكلة أن وسائل التواصل التي قرّبت البشر حول العالم هي من أبعدتهم عن الناس، فلم يعد الاستفزاز قاصراً على تسريب مشاهد باذخة لحفلات تصيب الشباب بالإحباط، ولا حتى بتهميش العاطلين وتعيين (أجانب) بمرتبات عالية في مناصب قيادية، ولا حتى في التعدي على الممتلكات العامة مثل الحدائق والطرقات، بل وصل الأمر حد التعدي اللفظي وتعميم بعض الصفات المحبطة عليهم!. واجبات رجال الأعمال نحو الشباب كثيرة ومعروفة، وإذا كان رجال الأعمال في المجتمعات الغربية قد دأبوا على التبرع بأنصاف أموالهم للعمل الخيري مثل (بيل جيتس) و(شلته) من المجانين، أو مثل الياباني (موري) الذي سخَّر ماله ووقته لرفع وعي وثقافة شباب بلاده، أو حتى مثل البنغالي (محمد يونس) الذي حوّل 7 ملايين شاب فقير في بلاده من عاطلين إلى منتجين، فإن غاية ما نتمناه من بعض (ربعنا) أن يكفّوا فقط عن استفزاز الشباب وإحباطهم، وأن يتركوهم في حالهم عملاً بمقولة (الثري الأكبر) المتنبي: «فليُسعدْ النطق إن لم يُسعد.. المال»!!. [email protected]