تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورة لأباطرة العمل الخيري والإنساني، البليونيرين، بيل قيتس، ووارين بافيت، وهما يجلسان على طاولة متواضعة جدا، ويتناولان غداءً بسيطا، لا تتجاوز قيمته العشرين دولارا، والمشهد ليس بمستغرب على هذين الرجلين، فهما سبق وأن تبرعا بمعظم ثرواتيهما للأعمال الخيرية، وتحديدا للمشاريع التي تخدم الفقراء حول العالم، بغض النظر عن دين، أو لون، أو جنس، ومرة أخرى تشعر بالمرارة، عندما تتابع أعمال هذين الرجلين، ثم تقارنها بما يفعله بعض أثريائنا، والذين نذروا أنفسهم للفشخرة، والتبذير على أنفسهم، وعلى من لا يستحق، في الوقت الذي يتردد معظمهم في التبرع لعمل خيري مهما كان بسيطا ومبررا!. وحتى لا نتهم بجلد الذات، فهناك بعض الأثرياء الغربيين، ممن هم على شاكلة بعض أثريائنا، ولكنهم قلة لا تذكر، مثل سيء الذكر، والعنصري الوقح، دونالد ترمب، المقامر، والمغامر، وصاحب فندق ميراج الشهير، في عاصمة القمار العالمية، لاس فيجاس، والذي رفض مشاركة قيتس، وبافيت في التبرع، ولو بجزء ضئيل من ثروته للأعمال الإنسانية، وقال بصفاقة، إنه سيحتفظ بثروته ليمتع نفسه، وورثته من بعده، ولولا يقيني من أصوله الأوروبية، وحقيقة أنه مسيحي متطرف، لربما قلت إن به عرقا عربيا!!، ولا أظن أن أحدا سينكر تقاعس كثير من أثريائنا عن المساهمة في الأعمال الإنسانية، بل وتبذير الأموال، بشكل مستفز، خصوصا عندما يتعلق الأمر بإقامة الموائد الباذخة، واستئجار الأجنحة، واليخوت، في عواصم الترف الشهيرة، باريس، ولندن، وكان، وأخواتها. ذات مرة، كنت في ضيافة ثري، وحملت أوراق فقير لأعرضها عليه، وعندما شاهدت حجم المائدة الباذخة، في منزله الفاخر، توسمت أن الله كتب رزقا لصاحبي الفقير، وبعد انتهاء المناسبة، وبينما كان يستعرض عضلاته في الإنفاق الباذخ، انتهزت الفرصة، وحدثته عن وضع صاحبي الفقير، وقدمت له الأوراق، ثم طلب أن يزوره صاحبي في مكتبه، وبعد أيام، تواصل معي ذلك الفقير المتعفف، وقال إن ذلك الثري استقبله ببرود، واحتقار، وأعطاه مبلغا سخيا، قدره خمسمائة ريال!، وأضاف صاحبي الفقير بأنه - بدوره - تبرع بالخمسمائة ريال لعامل القهوة البنجلاديشي في مكتب الثري، وقدم شكره لي، ثم طلب مني أن لا أشفع له لدى أي ثري سعودي مستقبلا، لأنه لا يرغب في تكرار تلك التجرية المذلة. حسنا، إن الحديث عن نجوم العمل الخيري، ذي الطابع الإنساني، مثل قيتس وبافيت لا تكفيه مجلدات، وبالمثل نحتاج للكثير من الحبر لكتابة قصص التقصير من قبل بعض أثريائنا تجاه فقراء مجتمعهم، وقد شاهدت، قبل أيام، تحذير من قائد داعشي، يسمى أبو زبيدة، وهو يهدد بغزو روما، وذبح كل الكفار، وهنا يطيب لي أن أشفع لبيل قيتس ووارين بافيت لدى ذلك القائد الداعشي، وأقول له: «ناشدتك الله أن توقر هذين الكافرين، فمعظم أموالهما ذهبت، ولا زالت تذهب لفقراء الدول المسلمة في أفريقيا، وأندونيسيا، وأثيوبيا، والهند، وباكستان، فرجاء وجه خنجرك لمن يستحق، لأن قتلك لهذين الرجلين سيوقف الدعم لإخوانك المسلمين، وأنت لا ترضى بذلك!!».