لكن يبقى السؤال الأهم وهو هل القطاع الخاص مؤهل لاستيعاب السعوديين، أو بصورة أكثر وضوحا يرحب باستقبالهم، وحتى نكون أكثر موضوعية سنسند الإجابة هنا إلى أكثر المسؤولين خبرة في هذا الملف، وقد سبق وأن انتقد صاحب السمو الملكي، الأمير نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية ورئيس مجلس القوى العاملة الأسبق، يرحمه الله، لسنوات طويلة تهرب القطاع الخاص من سعودة الوظائف، رغم المميزات التي قدمت له في العقود الحكومية والتوطين التدريجي عبر القرار 50 الذي لوطبق بمعدل سنوي 5% من 15 عاما لما وجدنا أثرًا للبطالة الآن. أما الشاهد الثاني فهو تقرير وزارة الاقتصاد والتخطيط عن العام الماضي، والذي قال صراحة وبعبارات واضحة القطاع الخاص لايوفر الوظائف التي يفضلها المواطن السعودي، وقدرته محدودة على التوظيف. القطاع الخاص يفضل الاعتماد على الأيدي العاملة الوافدة - انخفاض نسبة العمالة النسائية على الرغم من التوسع في برامج التوظيف عن بعد والأسر المنتجة وغيرها وفي المحصلة النهائية يجب الأخذ بعين الاعتبار الآتي بلا مواربة: إن القطاع الخاص كان من أكثر الجهات إمعانا في التهرب من التوطين، وفي حال أرغم على ذلك استفاد من هذا الأمر ماليا، ولم يقدم شيئا ذا جدوى كبيرة، وربما تضرر المواطن بشكل عام نتيجة لرفع الأسعار لهذا السبب، أما الخطوة الثانية التي يجب التصدي لها فهي توفير بيانات صحيحة عن عدد العاطلين، وتجريم السعودة الوهمية واعتبارها جريمة ضمن جرائم التزوير، التي يعاقب عليها بالسجن والغرامة. توظيف أكثر من 100 ألف فتاة وامرأة في أعمال البناء والسباكة والكهرباء على الورق في القطاع الخاص تأكيد التأمينات الاجتماعية أن نسبة السعودة الوهمية لاتقل عن 39% في السنوات الأخيرة، من واقع الرواتب الهزيلة التي تبلغ بها لسعوديين اتجهت المؤسسات في القطاع الخاص إلى التوظيف من أجل التأشيرات الخارجية فقط كان من المؤمل أن يؤدي الدعم الذي يحظى به الشباب من خلال إعانة البطالة، والشركات من خلال مخصصات التدريب والتأهيل إلى توظيف السعوديين في القطاع، إلا أن هذا الأمر أدى إلى ظواهر سلبية عديدة من بينها تكريس الكسل في نفوس الشباب، والسعودة الوهمية، التي يحصل بموجبها العاطل على نصف راتبه من الدولة، فيما هو مستكين في بيته رضي على نفسه انتظار الحصول على مال لميبذل في سبيله أي جهد موقف القطاع الخاص دعم الشباب والشركات الشواهد الدالة على ذلك عزوف غالبية القطاع الخاص عن توظيف السعوديين بكل السبل 51% من خريجي الجامعات و33% من خريجي الثانوية يعانون من أزمة توظيف غياب الأمان الوظيفي في القطاع الخاص القطاع الخاص تحول إلى جامعة لتدريب الأجانب ضعف الاهتمام بمهارات العمل ومخرجات التعليم عدم استكمال متطلبات التدريب في المعاهد والكليات الهندسية والتقنية والطبية الجديدة نتوقف في الحلقة الثانية من الملف التي استعرضنا فيها من خلال الحلقة الأولى التحديات التي تواجه وزارة العمل في توطين الوظائف عند.. التعليم، والإجابة عن السؤال الأهم، هل القطاع الخاص، مؤهل لحل الأزمة بدون مشاركة التعليم. في البداية وجب الإشارة إلى أن التعليم هو قاطرة التنمية في أي دولة، بدليل تجربة دول النمور الآسيوية التي أنشئت مدارسها في وسط المزارع والمصانع ليكون التعليم تطبيقيا، وكانت النتيجة طفرة هائلة في التصنيع غزت بها كل دول العالم، وفوائض مالية حققت من ورائها نقلة في الرفاهية لشعوبها. والحقيقة أننا عندما نطالب بإعادة النظر في مخرجات التعليم، لتكون تطبيقية على تماس بالاحتياج على أرض الواقع، لا نأتي بجديد، لأن غالبية المقابلات الشخصية مع الخريجين الجدد إبان التوظيف تكشف جهلا واضحا بأبجديات التخصص، ومهارات التواصل والتأهيل المطلوبة لسوق العمل وفي صدارتها اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي. بحت الأصوات طوال السنوات السابقة، تؤكد أنه إذا كان التعليم عقبة رئيسة في طريق التوطين، فإن موقف القطاع الخاص لايقل عن ذلك صعوبة، ومن هذا المنطلق وجب التركيز على السعودة المنتجة، كما يؤكد وزير العمل مفرح الحقباني، ولعل من سمات هذه المرحلة الآتي: أن يعمد الخريج السعودي إلى إعادة تأهيل نفسه بنفسه، بعد أن ثبت أن غالبية برامج التأهيل وهمية وشكلية لتحقيق مكاسب للقطاع الخاص فقط. عندما يتم توظيف سعودي في القطاع الخاص، يجب أن نكون على قناعة بأنه يشكل إضافة فعلية لمجال عمله، وأن توظيفه ليس منة من أحد عليه، ولن يكون عاملا رئيسا في رفع الأسعار لأنه عالة على الآخرين. لن تتحقق السعودة المنتجة بدون فتح المجال للسعوديين في الوظائف الوسطى والقيادية، بعد أن اكتفى القطاع الخاص بتوظيف غالبيتهم في وظائف هامشية في السنوات الماضية، ولن يتم ذلك سوى عبر خطة طويلة المدى يتحول الاقتصاد السعودي فيها إلى إنتاجي وخدمي وليس رعويا يعتمد على النفط بالدرجة الأولى. إن حل مشكلة البطالة في المملكة مرهون بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة للشباب بعد إعادة تأهيلهم عمليا على الإدارة والتسويق وكيفية مواجهة متطلبات العمل بالسوق، مع إكسابهم مهارات العمل الأساسية، والحقيقة أن هذه المشروعات يجب أن تكون لبنة وسيطة في بناء الاقتصاد، بتوفير احتياجات المشروعات الكبرى والمتوسطة، ولايتم محاربتها. كما لايبنغي أن نفرط في الاعتماد على العمالة الوافدة فيها.