قبل ثلاث سنوات تقريبًا، قابلتُ في المدينةالمنورة شابًّا سعوديًّا يمتلك أحد محلات بَيْع الهواتف المحمولة، حيث اشتكى من سيطرة الوافدين على هذا القطاع المهم، وحربهم المعلنة على السعوديين، من خلال أبناء جلدتهم الذين يستحوذون بطريقة، أو أخرى على سُوق الجملة والتوزيع، ومن خلاله يتَلَوّنون، ويتلاعَبون!! وهذا ما يجب أن تَنْتَبِه له المؤسسات المعنية عن تنفيذ القرار الذي صدر قبل أيام، وقَضَى بسعودة بيع وصيانة الهواتف المحمولة خلال ستة أشهر!! فلا شَك بأنّ ذاك القرار سيفتح أبواب رزق للشباب العاطلين؛ فبعض التقديرات تشير إلى أن عدد المحلات في هذا الميدان يتجاوز 50 ألفًا، تحتضن أكثر من 150 ألف عامل، أو موظف! ولكن شرط النجاح مرهون بأن لا يُصاب (التنفيذ) بدَاء التسويف والتأجيل، تحت (ضَغْط الهوامير)، وهو الدَّاء الذي سبق وذبَح (سَعْودة سيارات الليموزين، وأن ينجو من التحايل، والتَسَتّر، والسعودة الوهمية، التي أحبطت قرارات مماثلة كَمنافِذ بيع قِطَع غيار السيارات، وكذا تجزئة المواد الغذائية، وسوق الخُضار!! أمّا الأهم هنا أنّ (الاتصالات وأمنها) قطاع مهم وواعد في بلادنا، فقد قدَّرت هيئة الاتّصالات وتقنية المعلومات (في موقعها على الإنترنت) بأن حجم الإنفاق على خدمات الاتّصالات وتقنية المعلومات في المملكة قُدِّر بنحو 120 مليار ريال في عام 2015م، بمعدل نمو 7% مقارنة بالعام 2014، وذلك نتيجة لبدء المنشآت في أنحاء المملكة اعتماد مبادرات التحوّل الرقميّ من أجل خفض التكاليف، وتعزيز كفاءة إجراءات الأعمال! فلماذا لا نَنْقِل شبابنا ووطننا في هذا القطاع من مرحلة البحث عن البيع، والصيانة إلى مرحلة التصنيع؟ وذلك بأن يتم الاتفاق مع الشركات العملاقة في تصنيع الهواتف، والأجهزة الذكية، وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لها؛ لكيما تفتح فروعًا لمصانعها عندنا؛ بشرط إلحاق الشباب السعودي بها بعد تأهيلهم، فتوطين التقنية، وصناعتها في بلادنا أراه أهم من سَعْودة بَيْعِهَا؛ فالتوطين سيخلق وظائف، وموارد للميزانية؛ فأين دور (مدينة المعرفة) في المدينةالمنورة في هذا المجال؟! فقد رأيناها على الورق منذ سنوات، ولم نَرَ لها أثرًا على الواقع حتى الآن!! [email protected]