بحسب أحد الاقتصاديين يبلغ حجم اقتصاد التستر التجاري في بلادنا 500 مليار ريال.. وهو رقم كبير ومنهك للوطن بالتأكيد، ولمن لا يجيد لغة الأرقام نقول إن هذا المبلغ كافٍ لبناء 33 ألف مدرسة حكومية، أو 830 مستشفى مجهزاً، أو مليون شقة سكنية. تزداد المشكلة عمقاً عندما نعلم أن هذا الوباء يضرب قطاع التجزئة والمشاريع الصغيرة تحديداً، وهو القطاع الذي له علاقة مباشرة بالطبقات الوسطى والفقيرة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من60٪ من مشاريع هذا القطاع الحيوي الذي يُشكِّل عصب الاقتصاد تقع تحت سيطرة العمالة الوافدة، أي أن نصيب المواطن من هذه الكعكة (المليارية) ضئيل جداً بالنظر إلى نسبة الأموال المهاجرة للخارج (157 ملياراً في العام 2015)، ناهيك عمّا ينتج عن ذلك من ارتفاع للبطالة، وإضعاف للقوة الشرائية وتآكل للناتج المحلي للاقتصاد. كثير من الحلول الجيدة طرحت، لكن المؤسف أن العقبة الأكبر في تفعيلها كانت في المواطن المتستر نفسه، (المواطن السلبي)، فهو مَن يقف -في الغالب- ضد أي قانون ويتحايل عليه، ظناً منه أن المبالغ الزهيدة التي يحصل عليها هي رزق سهل قاده الله إليه.. دون أن يعلم بالحجم الحقيقي للأرباح ولا بالأخطار التي يتسبب بها لاقتصاد الوطن.. لذا تبقى التوعية مهمة جداً في هذا الجانب، كما أن وضع حوافز مالية كبيرة لمن يُدلي بمعلومات عن المتسترين يُعدُّ حافزاً مهماً للقضاء على هذا الاستنزاف.. بالإضافة إلى تقنين ساعات العمل التجاري والسماح بإعلان الشراكة بين السعودي والوافد، مع سَن ضريبة على الوافدين تضمن للبلد حقّه على الأقل، إن تخلَّى المواطن عن حقه. لوزير التجارة جهود واضحة وكبيرة لا ينكرها أحد؛ لكن أكبر إنجاز يُمكن أن يُقدِّمه للوطن هو القضاء على التستر التجاري واستعادة هذا القطاع المختطف.. وهذا لن يتم إلا بمساعدة المواطن الواعي والإيجابي طبعاً. [email protected]