تتحدث بعض المصادر عن قرب اطلاق حملة شاملة ضد التستر التجاري، وإن نفذت هذه الحملة ستكون الأكبر والأكثر تأثيرا بعد هذه العقود من ترك السوق ضحية لهذا النوع الفاسد من الاستثمار الذي انتشر بشكل كبير وخطير في مفاصل القطاع التجاري وخصوصا قطاع التجزئة، وتشير بعض الإحصائيات – وفقا للدكتور عبدالعزيز دياب أستاذ كرسي الأمير مشعل بن ماجد للدراسات وأبحاث قضايا التستر التجاري مخاطر التستر التجاري- الى أن حجم التستر التجاري في المملكة يبلغ 236.5 مليار ريال أي نحو 16.78 % من الناتج المحلي الاجمالي لعام 1430ه بالأسعار الجارية، وأن 30 % من العمالة الأجنبية تعمل لحسابها الخاص تحت ظاهرة التستر، وبلغ إجمالي تحويلات العمالة الوافدة خلال الفترة 1992 2002م، نجو 635.7 مليار ريال وهو ما يمثل تسرباً للاقتصاد الوطني يصل إلى نحو 10 % من الناتج المحلي الإجمالي. ** ويكفي هذا الأرقام المليارية أن تكون مبررا كافيا لتنفيذ هذه الحملة والتي قد تتسبب في إحداث هزة قد تؤثر في بدايتها على السوق ولكنها ضرورية لتنظيفه من ترسبات طويلة كانت نتيجة لممارسات للأسف ان المواطن المتستر هو العنصر الاساسي بانتشارها، وقد يعود ذلك الى ان السعودي قبل نحو ثلاثين عاما لم يكن يرغب بالعمل التجاري كممارسة وكان هدفة دائما الوظيفة ، وهذا العزوف ادى الى ان تستغل العمالة أسم المواطن بعلمه ورضاه ، في بناء استثمارات بعضها حقق ارباحا بالملايين ، وبقي المواطن يقتات على ما يقدمة له ذلك العامل من مبلغ زهيد لا يساوي شيئا أمام الأرباح الحقيقية. ** التستر لم يكن اثره فقط في عدم تمكن المواطن من دخول السوق حينما احتاج الان مع شح الوظائف ، لكن التأثير السلبي امتد الى مناح كثيرة ليس اقلها بناء تعاملات ترتكز على الغش، فقد نشأت مصانع مخالفة في الاستراحات وفي البيوت القديمة، وتكونت شبكات من بعض الجنسيات فمنها المالك والمصنع والموزع والبائع ، وبقي المواطن مستهلكا فقط . ** من المتوقع ان تكون جراحة استئصال التستر صعبة ومؤلمة للبعض على المدى القصير ، لكنها مهمة لاستمرار ولصحة الاقتصاد على المدى البعيد، وعلى المتورطين ان يتحملوا جزاء ما اقترفوا ، مع إنني أرى أن تعلن مهلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر كما حدث مع حملة تصحيح سوق العمل، ليتمكن المواطن المتستر من معالجة وضعه مع المتستر عليه وتصفية التعاملات التي بينهما ، لأن مع تطبيق الإجراءات الصارمة ستظهر مشاكل كبيرة خصوصا ان الموضوع يتعلق بالتجارة والاموال، ولهذا فان وجود مهلة وتوعية قبل بدء تطبيق الحملة سيكون امرا مهما لتلافي بعض الإشكالات والحالات التي ستطفو مع تطبيق القرار .