أشعر بالأسى والمرارة والخجل عندما أتجول بعربتي في شوارع مدننا فأجد الكثير جداً من قائدي المركبات وهم يتحركون بعرباتهم كقطيع من الماشية لا يحكمهم نظام ولا يردعهم رادع أراهم يسيرون بعرباتهم كيفما اتفق فهذا ينطلق بعربته من اليمين وكأنه جلمود صخر حطه السيل من عل وذاك يتلوى بعربته بين أقصى اليمين وأقصى اليسار وكأنه ثعبان يطارد فريسته وآخر يسير ببطء شديد في أقصى اليسار وغيره يقف وسط الطريق ليتبضع وآخرون يتجاذبون أطراف الحديث أثناء سيرهم ولا يهم من يقف خلفهم وعند التوقف عند الإشارة تجد جمعاً من قائدي العربات يقتحمون السرى من اليمين ومثلهم من اليسار، ضاربين بقيم الالتزام بالنظام والتحلي بالسلوك القويم عرض الحائط وهكذا تتعدد مخالفات الأنظمة المرورية بصورة لافتة تجعلنا نجزم أن هنالك خللاً واضحاً في الثقافة المرورية لدى مجتمعنا مما يستوجب اعادة النظر في ذلك من قبل الجهات ذات العلاقة كالإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية وكافة المؤسسات التعليمية وأجهزة الإعلام ،ولعلي أدلي بدلوي في تحديد أهم الأسباب التي أدت الى ذلك فأقول : -إن الكثير من قائدي المركبات هم من فئة الشباب الذين تيسَّر لهم امتلاك عرباتهم من والديهم دون جهد ومشقة وسلمت لهم فطافوا بها الطرقات دون أدنى ثقافة مرورية وأن امتلك البعض منهم رخصة قيادة فقد امتلكها دون جهد نظراً للمرونة القصوى في الحصول على تلك الرخص. -إن الكثير من قائدي المركبات هم من العمالة الوافدة التي تيسر لها امتلاك المركبات دون عوائق والأغلبية منهم لايجيد القيادة ويتعامل مع تلك العربة دون أدنى ثقافة مرورية لعدم توفر منابعها . - قلة وتدني مستوى أدوات الضبط المروري بعد أن قلَّ عدد رجاله في الميدان بدرجة لافتة وانعدم دورهم الميداني الفاعل خاصة بعد الاستعانة ببعض شركات الضبط الإلكتروني التي اهتمت بجمع المال فقط من خلال كاميرات المراقبة المختبئة خلف الأسوار والأشجار وتجاهلت عمليات الضبط المروري الأخرى . ولاشك أن تلك الفوضى المرورية العارمة في شوارعنا قد ترتب عليها تنامي نسب الحوادث المرورية وتنامي معدل الوفيات مما يستوجب الإسراع في ايجاد الحلول الناجعة كتفعيل الأنظمة المرورية ميدانياً والحزم في تنفيذها ومضاعفة الدوريات المرورية وتنويع أساليبها وتكثيف ثقافة الأنظمة المرورية من خلال أجهزة الإعلام التي أراها قاصرة تماماً في ذلك وكم أتمنى أن تتولى الادارة العامة للمرور تنفيذ مقطوعات إعلانية ارشادية كفواصل للبرامج التلفزيونية ، ولاشك أن مؤسسات التعليم تتحمل جزءاً هاماً من ذلك الدور المستوجب بحيث يكون ضمن مناهجها وأنشطتها وبرامجها اليومية .