من يتتبع حالة سير المركبات في مدننا يشعر بحجم الخلل وتراخي الأداء في عمليات التنظيم التي يقوم بها جهاز المرور، فشوارعنا التي تشكو أصلاً من التحفر والتكسر والتطبطب وهي حالات اصبح المواطن متعوداً عليها منذ زمن ليس بالقريب أصبحت هذه الشوارع مسرحا فوضويا مخجلا لقيادة الكثير من السائقين إما جهلاً أو حنقاً على تلك الأوضاع وكل ذلك بالتأكيد ينتج عنه مخالفات مرورية بعيدة عن أعين رجال المرور غير المتواجدين اصلاً وعن تقنيات الضبط المرورية غير المتواجدة البتة ولعل الملتزمين بأنظمة السير المكتسبة من ثقافات شخصية اكتسبوها من دول أخرى يشعرون بحجم الألم وهم يمارسون عمليات القيادة الواعية الحضارية لأنهم يجدون الكثير من تلك الممارسات المخجلة تقع أمامهم وهم يقعون ضحايا لها وخاصة عندما يقفون أمام إشارات المرور فيجدون البعض من السائقين يقطعون تلك الإشارات دون خجل أو رادع ودون وجود شرطي مرور يقف لضبط تلك الحالات وعدم توفر التقنيات المرورية الضابطة لمثل تلك المخالفات أو يجدون الكثير من قائدي المركبات الذين ينطلقون من آخر الصفوف حتى يقفوا امام الإشارة من اليسار أو اليمين دون خجل أو رادع وبأسلوب ينم عن الجهل والاستهتار فيقتحمون سرى المركبات بل ويقطعون الاشارات الحمراء حتى يشعر أولئك الملتزمون بأنظمة المرور المكتسبة فقط بالغبن مما يدفع بالبعض منهم إلى أن يسلك ذلك المسلك مما يدفع به إلى نفس الكوكبة. وفي جانب آخر تجد أن استدعاء رجل المرور لمعاينة حادث يعد من المعضلات نظراً للتباطؤ الشديد الذي يجده المنتظرون لهذا الغرض والغريب أن جهاز العمليات عندما تتصل به يبادرك بسؤال: هل هنالك ضحايا؟ وهذا معناه أن عدم وجود ضحايا يترك الأمر حسب التساهيل لرجال المرور واذا حضر رجل المرور فإنك تجد العجب العجاب من البعض ومن حالات المماطلة المهدرة للوقت مما يدفع بالكثير من قائدي المركبات إلى الهروب من ذلك والاكتفاء بالقول «حسبنا الله ونعم الوكيل». وقد يقول البعض أن نظام ساهر قد استطاع الحد من الحوادث على الطرق السريعة فأقول أن ذلك صحيح نظراً لاعتماده على الضبط المروري من تحت الجسور ووسط الاشجار من اطراف أعمدة الاضاءة لكن الأعباء التي يتحملها الكثير من أصحاب المركبات من مخالفات ومضاعفات لها تفوق حالة الحوادث، وكم أتمنى أن يعمم هذا النظام عبر الشوارع الداخلية وعند كل الاشارات ولكن بمعاونة رجال المرور الذين يستوجب تواجدهم للضرورة وأن يفعل ذلك النظام وفق الحالة المهترئة لشوارعنا. وفي جانب آخر من الأدوار التي يقوم بها جهاز المرور نجد أن الدور المكتبي لرجال المرور ولأنظمته التي نراها تستوجب الكثير من إعادة الصياغة للأنظمة والقوانين بما يتناسب والمستجدات الالكترونية وان يعاد تدريب كل المنتمين إلى اجهزة المرور من حيث سلوكات المعاملة واساليب ضبط الحوادث وآليات استخراج الرخص حيث نراها تشكو التقادم ومن هذا المنبر أدعو القائمين على جهاز المرور الى ادخال أنظمته الى مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا بأن تكون مادة رئيسة وان يلحق بكل مؤسسة قسم خاص بأنظمة المرور وسلوكات السائقين بهدف نشر الثقافة المرورية وان يقوم جهاز المرور بعمل برنامج تلفزيوني واذاعي يومي عن أنظمة المرور وسلوكات السائقين ولتكن مدته عشر دقائق يومياً على سبيل المثال. كما يستوجب أن يتواجد رجل المرور عند الاشارات الكبرى وعند الاماكن التي تشكو من وعكات السير وخاصة وقت الذروة وأن يكون هنالك شعبة في كل قسم من اقسام المرور مهمتها مباشرة الحوادث في المنطقة الخاصة بها وان يتوفر بها الكوادر المؤهلة لهذا الغرض ثقافة وسلوكاً. وأن تقوم أجهزة المرور بنشر الاحصاءات عن الحوادث والوفيات لتساعد الباحثين الراغبين في اجراء الدراسات فالجهاز المروري لدينا يحتاج الى الكثير من العمل الإداري والفني يؤدي دوره الشامل الذي يرضى عنه المواطن والمسؤول والله تعالى من وراء القصد.