دعا إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد الغامدي المسلمين إلى أعمال العقل في أمور الحياة منتقدًا التدين بلا عقل ولا تدبر وعدم الاستفادة من تجارب الناس، والاعتبار بأحداث الحياة والتاريخ، مشيرًا إلى أن ذلك ينفِّر الناس من الدين الحنيف، وقال في خطبة الجمعة اليوم: العقل والدين صنوان لا ينفكان، فلا يتمُّ دينُ المرء حتى يتم عقلُه، والعقلُ بلا دين ضلالٌ وانفلات وغواية، والتدين بلا عقل بريدُ الفهم المنكوس والسلوك المشين، وضيق العطن، وكم في ذلك من إساءة إلى النفس والناس وتشويه لصفاء الإسلام ونقائه، وقد كان الحسن البصري - رحمه الله - إذا أُخبر عن صلاح رجل قال: كيف عقلُه؟ فما تم دين عبد قط حتى يتم عقلُه، ومصداق ذلك من كلام الله قوله تعالى (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ). وأشار إلى أن العقل الصحيح عُدةٌ المرء في النوائب، جُنَّتُه في النوازل، وقائده إلى الخيرات ودفع المضرات في العاجل والآجل، وإذا تم العقلُ تم معه كل شيء، وإذا فسد ذهب وصار أمر العبد فرطًا، ولا تجَمُل الحياةُ ولا يُستطاب العيشُ إلا به، فهو يعين العبد على معرفة طرق الصواب والرشد في سَلكُها، ويستبينُ سُبل الخطأ والغواية في تجنبُها. وبيّن الشيخ الغامدي أن العقل من أجلِّ مواهب الله للعبد، وكلما عَظُم حظ العبد انتفع بمواعظ القرآن وهداية الوحي أيما انتفاع وأمسك بمفاتيح الحضارة والرقي وتسخير أسباب الأرض وخيراتها للعيش فيها عيشةً كريمةً هانئةً، والعقل الذي مدحته الشريعة ورفعت من شأن صاحبه، وحث القرآن في خطاباته على استدعائه لإعماله والإفادة منه قوله (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) وقوله (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) (أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ). وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن العقل هو آلة الفهم والوعي والإدراك، وهو يعمل بكل كفاءة واقتدار إذا استنار بنور الوحي وآداب النبوة، واستفاد من تجارب الناس، واعتبر بأحداث الحياة والتاريخ وتقلب الأيام وتبدل الأحوال، وقال إنه ليس هناك أحرص من العاقل على جمع الكلمة والوحدة والألفة والتغافل عن الهفوات والزلات، ونبذ التفرق والنزاع والخصومات والتحريش الشيطاني، وزينة العاقل التواضع للناس كافة وإنزالهم منازلهم ومعاملتهم بظواهرهم وترك سرائرهم إلى ربهم، وهو لجودة عقله لا يحسد أحدًا ولا يحتقره ولا يحمل الحقد على من تعلو به الرتب، ولا يستخف بأحد، فإن من احتقر العلماء والأتقياء أهلك دينه، ومن استخف بالسلطان واستهزأ به أفنى دنياه وأهان نفسه.