أوضح وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير أنه بحث خلال اجتماعاته مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أمس الاربعاء السبل الممكنة والضامنة لوصول الدول المعنية والمتحالفة حيال سوريا في اجتماعهم المقرر انعقاده اليوم الخميس وغدا الجمعة، إلى اتفاق في الرؤى، وتوحيد للصف والكلمة، فيما يتعلق بإيجاد حل مثالي يضمن لسوريا مستقبل أفضل، والتفاهم حيال ما يجب وينبغي لهذه الدول اتخاذه لتحقيق ذلك الهدف. ولفت الجبير النظر خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر الصحفي الذي جمعه بالوزير البريطاني أمس في مقر وزارة الخارجية بالرياض، إلى أن اجتماعاته مع هاموند تناولت العديد من الموضوعات المهمة، على غرار موضوع سوريا الذي نؤكد فيه أهمية إيجاد حلٍ يرتكز على مبادئ (جنيف 1) كأساس له، وإنشاء مجلس انتقالي يدير أمور البلاد، ويحافظ على المؤسسات المدنية والعسكرية، ويهيئ سوريا لمستقبل مشرق، ويسهم في توفير الأجواء الصحية المناسبة لوضع دستور جديد لسوريا، ويؤهل لإجراء انتخابات عادلة، مشيرًا إلى أن هذا الحل يجب ألا يكون لبشار الأسد فيه أي حضور أو وجود. وأفاد وزير الخارجية أن اجتماع فيينا في الأسبوع الماضي واجتماع باريس الذي شمل الدول الأربع: المملكة والولايات المتحدةالأمريكيةوروسيا وتركيا، اشتمل على مجموعة موسعة أكثر من الدول المتحالفة في دعم المعارضة السورية واليوم الخميس سيكون هناك اجتماع في فيينا لتنسيق الموقف ومن ثم الاجتماع غدًا الجمعة مع مجموعة موسعة من الدول الداعمة للمعارضة السورية، كما سيشمل الاجتماع دولًا أخرى من المنطقة لاختبار نوايا هذه الدول فيما يتعلق بإيجاد حل للأزمة السورية وعلى رأسها يكون موعد ووسيلة رحيل بشار الأسد، معربًا عن أمله في أن تثمر هذه الجهود بالنجاح. وفيما يتعلق بالعراق أوضح الجبير أنه تم شرح لوزير الخارجية البريطاني كيفية دعم جهود الحكومة العراقية الرامية في تطبيق الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها في العام الماضي بإشراك جميع الطوائف العراقية في اتخاذ القرار لتعزيز مواجهة الإرهاب في العراق، مبينًا أن الخطوات التي اتخذتها المملكة من أجل التواصل مع الأشقاء في العراق من أجل بناء علاقات أفضل مع العراق، منوهًا بالجهود التي تقوم بها حكومة العبادي في مواجهة التحديات بالعراق، مؤكدًا دعم المملكة لجهود حكومة العبادي الرامية لتطبيق الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها في الصيف الماضي. وأكد أنه تم بحث الأوضاع في اليمن وأهمية إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة، مشيرًا إلى أن الخيار العسكري كان آخر الخيارات بالنسبة للمملكة وجاء نتيجة طلب من الحكومة الشرعية في اليمن وحماية للأراضي والمواطنين السعوديين من الصواريخ البالستية والأسلحة الثقيلة التي كانت بحوزة المتمردين الحوثيين والمخلوع صالح، كما أنه جاء لفتح المجال للعملية السلمية في اليمن، وهناك اتفاق الآن بين الأطراف اليمنية لعقد اجتماعات مع المبعوث الأممي لتطبيق قرار مجلس الأمن 2216، والمملكة ترحب بذلك وتؤيده، مشددًا على أهمية العمل الإنساني في اليمن وتكثيف الجهود الرامية لإيصال هذه المساعدات وأن جميع الموانئ اليمنية سواء في عدن أو على البحر الأحمر بالإمكان إرسال سفن لها لإيصال المساعدات الإنسانية. وأفاد الجبير أنه تم بحث مع وزير الخارجية البريطاني موضوع عملية السلام وأهمية إيجاد حل للنزاع العربي الإسرائيلي الذي له أكثر من 60 عامًا على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وأهمية أن لا يتوسع هذا النطاق ويكون عنصر في دعم التطرف والإرهاب في المنطقة وفي العالم. من جهته أعرب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عن سروره بتواجده في المملكة، مبينًا أن الاجتماعات التي عقدت مع قيادات المملكة ناقشت قضايا كثيرة وموضوعات كثيرة ذات العلاقة الثنائية بين البلدين، وأكد هاموند أن بريطانيا والمملكة بينهما علاقة راسخة لمنفعة البلدين، وهناك تعاون في مجال الأمن ومحاربة الإرهاب والدفاع والتجارة والاستثمار وأيضا العمل معًا في مجالات التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية مثل توسيع النظم التعليمية في جميع المجالات التي ناقشناها أثناء الاجتماعات هذا الصباح. وأوضح أنه تم الاتفاق على تسريع المناقشات السياسية في اليمن لضمان أن قوات الحوثيين وصالح تحضر إلى مائدة المفاوضات وتكون راغبة في الدخول في مناقشات جدية حول تشكيل مرتكزات حكومية تفي بجميع المصالح في اليمن وتحترم الحكومة الشرعية لليمن التي تعمل الآن من المملكة، مبينًا أنه تم التباحث حول فتح موانئ البحر الأحمر لمزيد من الحركة التجارية وأن تكون مفتوحة ليس فقط للمساعدة الإنسانية بل تشمل الشحنات التجارية للوقود والأغذية، مؤكدًا استعداد بريطانيا لدعم أي عمل تقوم به التحالف لتعزيز الوصول إلى الموانئ اليمنية وتنشيط الحركة التجارية الدولية. وقال: لدينا مناقشات منتظمة حول هذا الوضع في سوريا منذ أربعة أسابيع، ويوم الجمعة سنجلس مع 3 + 1 والروس والقوى الإقليمية بما فيها إيران لبحث الممكن لردم الفجوة الموجودة الآن ما بيننا وبين الموقف الروسي والإيراني. عقب ذلك أجاب وزير الخارجية عادل الجبير ونظيره البريطاني على أسئلة الصحفيين، فحول السماح لإيران أن تأخذ دورًا في المحادثات الدولية حول سوريا، أكد الجبير أن موقف المملكة بالنسبة لسوريا لم يتغير على مبدأ جنيف 1 بحيث يكون هناك مجلس انتقالي له سلطة تنفيذية لإدارة سوريا والمحافظة على مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية فيها، مؤكدًا أن بشار الأسد ليس له دور على الإطلاق في السلطة، وسنستمر على دعم المعارضة السورية المعتدلة ونكثف هذا الدعم حتى نغير التوازن على الأرض. وقال الجبير: «نعتقد أننا تمكنا من العمل مع حلفائنا حول العالم وخاصة دول العشر التي تدعم المعارضة السورية لكي يكون موقف محدد وانعكس هذا في المجلس الانتقالي من خلال نقل السلطة من بشار الأسد للمجلس وإزالة بشار الأسد وتأهيل سوريا إلى مستقبل أفضل، ولدينا اختلافات تبقى مع روسياوإيران حول كيفية ومتى يغادر بشار الأسد، ورؤية الشركاء في هذا أن نختبر نوايا الإيرانيين والروس حيال جدية الوصول إلى حل سلمي سياسي في سوريا». من جانبه قال وزير خارجية بريطانيا: أتفق مع ما قاله الوزير الجبير، ونحن واضحون، كل الدول باستثناء روسياوإيران واضحون أن الأسد يجب أن يذهب ولكن الروس والإيرانيين لهم رؤية تختلف، مواقفهم تقول يجب أن يكون هناك انتخابات والسوريون يقررون، رؤيتنا أن الأسد عليه مزيد من الدماء لا يسمح له الدخول في هذه العملية لدينا موقف واضح لن نتنازل عنه. وحول زيارة الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان يوسف بن علوي لسوريا والمحادثات مع بشار الأسد وموقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قال الجبير: «إن موقف دول مجلس التعاون حول سوريا واحد وبالنسبة لعمان لم يكن لدي فرصة للتحدث مع زميلي وزير سلطنة عمان الشقيقة ولابد أن نستمع إلى ما توصلوا إليه في دمشق ولا نشك في نوايا أي دولة من دول الخليج وفي نهاية الأمر دول شقيقة ودول مجاورة ودول حليفة ومصير كل دول الخليج واحد والخطر الذي نواجهه هو خطر واحد والفرص التي أمامنا هي فرص موحدة نحن أشقاء وإخوان ولا أستطيع أن أعطيك مزيدًا من التفاصيل، أتصور من الأفضل تسأل السلطنة عن هذا الأمر». وفي الشأن اليمني والاقتراب من نهاية العمليات العسكرية قال وزير خارجية بريطانيا: «لدينا مناقشات عدة والموقف الأخير كان واضحًا بأن الحملة العسكرية ستصل إلى مرحلة سياسية ومن المعروف أن ما حدث الآن هو إنجاز الهدف العسكري، وتم إنجازه وقوة التحالف تضع الظروف المناسبة، فهناك مباحثات للحوار السياسي والمفاوضات ليمثله جميع اليمنيين، والمرحلة العسكرية تقترب من النهاية والمرحلة السياسية سيتم الاستعداد لها الآن. وأكد الوزير الجبير أن المتمردين في اليمن أكثر جدية الآن في قبول قرار الأممالمتحدة 2216، والدخول في مباحثات تشرف عليها الأممالمتحدة، مبينًا أن الأحداث تشير إلى انتهاء الحملة العسكرية والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح طرد من حزبه ورأينا المكتسبات على الأرض، وأن الحكومة الشرعية دخلت اليمن وتعمل داخل اليمن وتنظم تسليم وتوزيع المساعدات الإنسانية. وفيما يتعلق بطول أمد الاجتماعات حول سوريا في فيينا، أكد الجبير أن الهدف هو تكثيف الإجماع على كيفية الحل وإخراج سوريا من المأزق التي هي فيه بالشكل المطلوب، ووصلنا الآن إلى أنه هل من الممكن أن الواحد يختبر نوايا إيرانوروسيا أم لا، فهذه قد تكون فرصة للوصول أو فتح المجال للبدء في إيجاد حل منطقي للأزمة في سوريا، وكذلك إيجاد حل سياسي يضمن رحيل الأسد، ويضمن الحفاظ على وحدة سوريا ووحدة أراضيه، والاستعجال في إعادة البناء ونقل سوريا إلى مستقبل أفضل، مؤكدًا أن المملكة لن تكون طرفًا في مباحثات مفتوحة تستمر على فترة طويلة لا تؤدي إلى أي نجاح، وإذا وجدنا أن التقدم أمرًا ليس واردًا فإننا لن نشارك في مباحثات مستقبلية، وهذا أعتقد أنه هو الإجماع بين الدول الداعمة للمعارضة السورية المعتدلة، ولا أعرف إن كان بإمكان أحد أن يحل أزمة مثل أزمة سوريا في جلسة واحدة، ولا أتوقع أن هذا أمر ممكن ولكن أعتقد أنه إذا كان هناك إحساس بأن التقدم ممكن فالمسؤولية تفرض الاستمرار في المباحثات.وحول قضايا المواطنين السعوديين في بريطانيا أوضح الجبير أن القضاء مستقل في المملكة وتتمتع بسيادة ولا تتدخل في قضاء دول آخرى كما لا تقبل أن تتدخل أي دولة في قضائها، وتبحث الأمور التي تخص المواطنين السعوديين في الخارج بشكل مباشر عبر السفارات أو عن طريق وزارة الخارجية. وفي شأن قضية المبتعثة السعودية ناهد المانع، قال الجبير: «إن السفارة السعودية في بريطانيا تتابع هذا الموضوع، ونحن نتابع الإجراءات مع الحكومة البريطانية -عبر السفارة- التي يمكن اتخاذها وإلى أين وصلت؟، وقضية الإنجليزي أندريه في المملكة انتهت بموجب القضاء السعودي والادعاء العام في المملكة الذي قرر أن المذكور أنهى محكوميته منذ شهرين واتخذت إجراءات ترحيله وإبعاده من المملكة والحكم صدر بموجب النظام العدلي للقضاء في المملكة». وأكد الجبير أن إيران هي محور الشر ودولة راعية للإرهاب فهذه هي وجهة نظر المملكة، كما أن هذه هي وجهة نظر القرارات العديدة التي صدرت من مجلس الأمن في الأممالمتحدة، مبينًا أن إيران تخضع لعقوبات من قبل دول عديدة بسبب دعمها للإرهاب، فلديها قوات على أراض عربية، كما تحتل أراضٍ عربية في سوريا وجزر الإمارات، ولها قوات في العراق، ولديها منسوبون في اليمن، والسؤال الآن إذا كانت المسألة مسألة إبلاغهم بأن الحل في سوريا الأفضل أن يكون سلميًّا مبنيًّا على رحيل الأسد، وإذا كانت المسألة أنهم رافضون التنازل أو التراجع عما يقومون به في سوريا، فمعناه أن الموضوع سيطول أكثر وسيكون أكثر تعقيدًا وفي نهاية الأمر سينتصر الشعب السوري الشقيق. من جانبه قال وزير خارجية بريطانيا: «كلانا يحترم النظام القضائي للدول الأخرى، وكل دول العالم بما فيها بريطانيا والمملكة لها الحق أن تتدخل عندما يقع مواطنوها في قضايا في دول أخرى وهذا أمر روتيني، ونحن تدخلنا لنسأل عن اندريه الذي أكمل محكوميته وناقشنا تسهيل إطلاقه من السجن وعودته إلى بريطانيا عند إكمال العقوبة التي حكم بها عليه من قبل محكمة سعودية». وعن التدخلات الإيرانية في شؤون الدول المجاورة لها أكد وزير الخارجية البريطاني أن إيران تتدخل في الدول المجاورة لها ولديها قوات تقوم بأفعال إرهابية وقد أوضحنا هذا للأمم المتحدة وفرنسا وألمانيا أوضحنا هذا وسنستمر في محاسبة إيران على سلوكها في المنطقة، متوقعًا أن تتوقف عن سلوكها الذي يخالف القواعد التي يعمل عليها المجتمع الدولي. وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند: «إن المملكة وإيران أهم وأقوى دولتين في هذه المنطقة، وعلى المدى الطويل لا بد لهاتين الدولتين أن تكونا قادرتين على التحدث مع بعضهما البعض، ويناقشوا الاختلافات، ويكونوا قادرين على الوصول إلى حلول بسلام للاختلافات التي قد تنشأ بينهما فهناك توترات ضخمة واختلافات ضخمة ولكن على المدى الطويل في مصلحة الجميع إذا أمكن أن يكون هناك حوار ما بين المملكة وإيران». من جانبه قال الجبير: «الدبلوماسية تتطلب الشفافية والوضوح وبالذات في ظل عصر المعلومات الذي نعيشه والتواصل الاجتماعي فالمجاملات لن تفيد أحدًا، فدولتان صديقتان وحليفتان مثل المملكة وبريطانيا لا تحتاجان أن تجامل إحداهما الأخرى، وإذا كان لدينا شيء يزعجنا في علاقتنا مع بريطانيا نتكلم مع البريطانيين بوضوح وبشفافية، ونتوقع منهم أن يقوموا بنفس الشيء معنا وهذا يدل على متانة العلاقات بين المملكة وبريطانيا». وأكد الجبير أن إيران دولة إسلامية ومجاورة ونحن نحترم تاريخ وحضارة إيران ونسعى لأن تكون للمملكة أفضل العلاقات معها وتكون علاقات الجوار بيننا وبينهم مميزة ويكون هناك تبادل ثقافي وتجاري وتشاور سياسي في كل المجالات، ولكن للأسف الخطوات العدوانية والسياسات العدوانية لم تأت من المملكة بل جاءت من إيران والمملكة لم تتدخل في شؤونها، ولكن إيران تتدخل في شؤون المنطقة وترعى الإرهاب في المنطقة وتحاول أن تتدخل في دول حليفة للمملكة، فقد أرسلت قوات لتحتل دولًا عربية وتقتل أبرياء من العرب والمملكة منذ عقود تمد يدها لإيران وتدعوها لتبني علاقات مميزة مبنية على حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين، ولكن إلى الآن لم تتجاوب إيران مع هذه المبادرات من المملكة، معربًا عن أمله في أن تتجاوب إيران في يوم ما مع هذه المبادرات، كونه ليس من مصلحة المملكة ولا إيران ولا من مصلحة المنطقة أن يكون هناك توتر فيها، والأمر يعود لإيران ولتصرفاتها متمنيًا أن تتجاوب إيران مع المبادرات، فالمملكة ستضطر أن تحمي مصالحها ومصالح حلفائها وفوق كل شيء مصالح شعبها إن لم تتجاوب إيران. المزيد من الصور :