ألاحظ من خلال عملي واطلاعي على واقع الحال الإداري والاجتماعي، تدهور شعور كثير من الموظفين بانتمائهم للمؤسسات التي يعملون بها، وتأثر نفسياتهم سلبًا نتيجة شعورهم بالتهميش من إدارتهم، واختلال الأنظمة المسيرة لأعمالهم بشكل متسارع، مع زيادة الضغوطات المهنية وغير الإنسانية عليهم، وتأخر حقوقهم المستحقة، وإهمال مطالباتهم المنطقية بتطوير وسائل تقديم خدماتهم وتحسين البنية الأساسية للمنشآت التي يعملون بها. من المؤلم حقًا مشاهدة كثير من الكفاءات الوطنية والموظفين المتميزين وهم يُصرّحون باحباطاتهم وخيبة آمالهم نتيجة انتشار سوء التعامل المهني، وتدهور البيئة العملية والبحثية بشكل يمنع أي تميّز في الإنتاج وإبداع في الأداء، ليصبح الهدف الأكبر للموظف تمضيةُ وقت الدوام، والتملّص من الواجبات غير الأساسية، ثم الفرار سريعًا من بيئة العمل المزعجة والمُحبطة، بل والتخطيط للاستقالة والعمل الحُر، للتخلّص من سوء التقدير وقلة الاحترام والضغط النفسي الذي يلازمه في عمله. يتولّد شعور اللامبالاة كرد فعل لأنظمة إدارية لا تبالي بداية بمقدّرات جمهور الموظفين، وتُتركُ لعبة في أيدي بعض المتنفّذين لتشكيلها حسب أمزجتهم خلال «جلسة بلوت» أو عبر «اتصالات شخصية» تخترق القوانين وتتلاعب بالأنظمة، وتتجاوز موظفين أسمتهم «مُشاغبين» و»غير المرغوب فيهم»، فالأساس لديهم توليةُ أصحاب الولاءات الشخصية، وليس بالضرورة أصحاب القوة والأمانة، بل وصل الأمر لاستخدام البدلات الوظيفية كورقة ضغط وابتزاز، وتأخير الترقيات المستحقة، وجعل المناصب الإدارية من وسائل التمييز الفئوي وتكريس الغُبن الوظيفي. ومن ممارسات كثير من الإدارات التنفيذية، تجهيل موظفيها بسياساتها المتبعة، وخططها المستقبلية ومشروعاتها الإنشائية، وإخفاء أهدافها التشغيلية، فيفقد جمهور الموظفين بذلك أي شعور بالتقدير حيث تعمد تلك الإدارات إلى «الشللية» و»مجموعة الخواص» فحسب، غير مبالية بأخذ آراء أهل الاختصاص من الموظفين، أو إطلاعهم على مُجريات العمل وإشراكهم في وضع اللبنات الأولى ولا حتى الأخيرة للمشروعات التنموية، وكأنهم مُجرد أعداد فائضة لا رأي لهم، في صورة مقيتة من صور التفكّك الإداري. ما تقدّم رؤية شخصية مُختصرة تصفُ واقع حال كثير من بيئات العمل وتدهور الشعور بالانتماء لقطاعات فشلت في تقديم الحد الأدنى من الإنسانية والاحتواء لجمهور الموظفين والعاملين بها. [email protected]