من الملاحظ أن كلمة «يا خسارة»، أصبحت من الكلمات المألوفة، التي ترددها ألسنة الناس في المجتمعات العربية، للإشارة إلى الامتعاض الذي يشعر به كثيرون من المواطنين، واختصارا لوصف آلام نفسية، ضاق بها تعبيرهم، نتيجة لعدم رضاهم عن الأحوال الاجتماعية من حولهم. فكلمات الأسى والأسف، على هدر المقدرات المادية والبشرية، دون سد لجميع متطلبات المواطنين الملحة، وقصور الأنظمة المدنية عن توظيف آلاف الكوادر المؤهلة، وحمايتها من الضياع والتفلت، يمكن شرحها بكلمة «يا خسارة». وبماذا يمكن وصف انخفاض مستوى الأخلاق العامة، ومطل أصحاب النفوذ، وتعطيل الموظفين مصالح المراجعين دون مسوغ، وتفشي «المحسوبية» في الإدارات، إلا «بالخسارة».. وهل تردي حالة الطرق في كثير من المناطق، وتحول قيادة المركبة إلى مغامرة خطيرة، تحصد أرواح الناس بصورة يومية، لأسباب لا يمكن تجنبها، إلا «بالخسارة» ؟.. أليست هذه الكلمة دليلا على تمكن اليأس من أحدهم، وإصابته بالإحباط، نتيجة تسلط بعض الفئات الاجتماعية، والتحزبات الفكرية ؟!. وكيف لا يقول «يا خسارة»، من يرى أن «الشللية» والولاء الشخصي، وليست الكفاءة والأمانة، هي أساس التدرج في السلم الإداري، والأسلوب المتبع للحوافز، في بعض المؤسسات، وأن المميزات الوظيفية لدى بعض المسؤولين، هي في حد ذاتها غاية، وليست أداء للأمانة، ووفاء بالتزاماتها. ولا ألوم من يقول: «يا خسارة»، لضيق صدره بضعف الخدمات العامة بالرغم من توافر الكوادر والإمكانيات وبحثه عن واسطة، للحصول على ما يستحقه من رعاية. ثم إن تنامي المعاناة من تدهور خدمات الخطوط السعودية على سبيل المثال وغياب التقدير المستحق للمسافرين المضطرين لها، رغم ما توفره الدولة لتطويرها والتسهيل على مواطنيها، «خسارة» في الأموال والأوقات. ولعل من يشاهد المنجزات العلمية والتقنية، والسبق الحضاري لكثير من الدول، على الرغم من رعاية أولياء الأمور للنهضة التعليمية والبحثية، ومقارنتها بانكباب المجتمعات العربية، على اختلافاتها السياسية والعرقية والثقافية، وضعف مشاركتها في زيادة الرصيد الحضاري للبشرية، وانشغال شبابها بمعاركهم الكروية، وهوسهم الرياضي، لعله يتحسر ويقول: «يا خسارة».. خاتمة: عند عرض مقالي هذا على أحد أصدقائي، قال لي: لا تتعب نفسك، فلن يهتم به كثيرون، ولن يقدم هذا الكلام شيئا أو يؤخر، فقلت متحسرا على سهري في كتابة هذا المقال: «يا خسارتك في الليالي». * استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم في جدة [email protected]