عندما كنتُ أخوضُ في حياتي، وبينما كنتُ متّجهًا لأحد الأماكن قاصدًا النزهة، فإذا بي أجد عامِلاً أجنبيًّا، على طرف الطريق، فتوقّفتُ أمامَه، وقال لي إنه يقصدُ مكانًا ليس بالبعيد، وهو المكانُ عينُه الذي كنتُ أقصده، فركّب معي والمكان كان يبعُد ساعة تقريبًا، تناولنا أطراف الحديث سويًا، وقمْت بطرح العديد من الأسئلة، ومنها السؤال الشهير منذُ متى تعمل في السعودية، وما إلى ذلك، إلى أن توصلنا لحلمه وطموحاتِه ظننتُ أنهُ مثلنا يحلمُ بالكثير من المال، وقصر فاخِر، ومركبة باهظة الثمن، وخدم وحشم! كنتُ جاهلاً أن هُناك رجالاً بما تعنيه الكلمة، أشبه بهؤلاء الرجال المنحوتين في كُتب التاريخ، الذين جعلوا من حياتِهم طريقًا للجنّة، الذين يعملون طيلة حياتُهم لكي يصِلوا إلى الجنّه، أخبرني أنه يعمل منذ عشرين سنة، وسوف يعمل عشرًا أخروات كي يجمع المال الكافي لتسديد رسوم الحجّ لوالديه!! هو لا يعمل لنفسه، أو لأولاده، أو لزوجته التي تركها وذهب كي يحقق حُلم والديه!! وأخبرنِي أيضًا أنّ معظم أبنَاء بلاده المغتربين هُنا يخطون الخطوات عينها، حينها مرّت عليّ لحظاتُ حياتِي في بضعِ ثوانٍ، تذكّرت عندما ينظُر البعض إلى هؤلاء المغتربين نظرةً، تعني أنهُم لا شيء، نحزَن وننعت أنفُسنَا بالكسيرين، ونبكي جرّاء رحيل حبيبٍ وهْميّ، وهم يبكُون عندمَا يتعمّقُون بالتفكير ويظنون أنهم قد لا يستطيعون تحقيقَ حُلم والديهم، ونحنُ رزقنا بنعمة لا يُؤدّى شُكرها، وخضنا في الحياة، فالبعض بدأ بالتشبّث بعادات وتقاليد الغرب، ونعتُ من يتشبّث بها بالأُتكيت، وانتقص من يتشبّث بعادات وتقاليد أجدادِنا. إلى أيّ مدى أخذتنا تلكَ العاصفة القادمة من الغرب، فيجب أن نضع حدًّا لهذا الغَزو الفكريّ، ولنتشبّث بديننا، فمَن يرَ حال المسلمين الآن يضحك ساخرًا ويقول: أهذا دين الحقّ؟ فلنرتق بديننا ونتفاخَر أمام الشعُوب، نحنُ منبع الإسلام، نحن أسُود العرب، ونخبر جميع الشعوب أننا نحن أبناء هذا الدّين الحنيف، نحمل صفات أجدادنا الصحابه -رضوانُ الله عليهم-. دخيل الخثعمي