عدد (الراصد الدولي) (نوفمبر 2014م) الذي تصدره وزارة التعليم تناول موضوع (الحوكمة لمرحلة جديدة: مخطط لأمناء التعليم العالي) المترجم عن رأي منشور صادر عن المجلس الأمريكي لأمناء الجامعات والخريجين في الولاياتالمتحدة، وهو إذاً يمثل وجهة نظر معتبرة ومقدرة. لبّ القضية هو الاستنتاج الذي صدر عن دراسة حديثة متعمقة ومفاده (أن دافعي الضرائب لا يحصلون على قيمة استثماراتهم في التعليم. وعلى الرغم من الإنفاق الضخم إلاّ إن كثيراً من خريجي الجامعات في أمريكا غير مستعدين بدرجة كافية للمهنة والمجتمع، إذ يعاني العديد منهم من الثغرات الواسعة في مهاراتهم ومعارفهم، كما أنهم غير مؤهلين للتنافس في الاقتصاد العالمي..). الحديث عن اقتصاديات التعليم في الولاياتالمتحدة ليس جديداً، لكنه يتجه إلى جدية أكبر خاصة مع أزمة البطالة التي تتعاظم، ومستويات الفقر التي تتفشى، والديون الضخمة التي يتحملها الطالب لإكمال دراسته، ثم ينوء بها كاهله بعد التخرج، في حين لا يكتسب المعارف والمهارات الكافية لشغل وظيفة مناسبة تدر دخلاً يساعده على تسديد ديونه والشروع في حياة جديدة مليئة بالطموح والأمل. باختصار هي دعوة إلى تطبيق مبدأ (الحوكمة) على كل الجامعات الأمريكية التي تتلقى دعماً فيدرالياً أو محلياً لأن الممول في النهاية هو دافع الضرائب. وفي بلادنا تغلب علينا المثالية والعاطفة إلى حد كبير عند الحديث عن التعليم الجامعي. المثالية تقول: (دع ما للتعليم للتعليم)! أبعدوا الاقتصاد! تجنبوا الخوض في ملاءمة المتخرج لسوق العمل! كل التخصصات مهمة حتى لو أفرزت ألوفاً من العاطلين المحبطين. وأما العاطفة فتنادي: دعه يدرس أي تخصص! المهم أن يكون جامعياً، فلا يليق بابني وابنك أن يلتحق بكلية مهنية! خير له أن يقعد في البيت بشهادة جامعية كاسدة من ممارسة عمل مهني شريف يقيه نظرات الشفقة البائسة. في نظري لا بد من الشروع عاجلاً في تطبيق فلسفة الحوكمة على جامعاتنا كلها! لا بد من مقارنة المخرجات مع تكلفة المدخلات. هناك فواتير ضخمة تُدفع، ولا بد من محاسبة عادلة لا لمجرد المحاسبة، وإنما لإعادة النظر في مسلماتنا التقليدية بما يضمن ترشيداً في النفقات وتجويداً في المخرجات. [email protected]