رحل صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل بن عبدالعزيز بعد أن أمضى اكثر من 40 عاما وزيرا للخارجية، رحل القامة الذي استطاع بقدرته وتفوقه المضي بالسياسة الخارجية للمملكة الى الهدف المنشود وفقا لتطلعات وتوجيهات ولاة الامر ملوك المملكة العربية السعودية، رحل الرجل صاحب الفطنة والذكاء الذي استطاع بناء علاقات على مستوى عالٍ في اصقاع الارض، رحل الامير صاحب النظرة الثاقبة والصائبة بعد ان ادى واجباته في خدمة الوطن على اكمل وجه. وقد استطاع الفقيد رحمه الله قيادة تنفيذ سياسة المملكة العربية السعودية التي تقوم على مبادئ وثوابت ومعطيات جغرافية وتاريخية ودينية واقتصادية وأمنية وسياسية، وضمن أطر رئيسة أهمها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعزيز العلاقات مع دول الخليج، ودعم العلاقات مع الدول العربية والإسلامية بما يخدم المصالح المشتركة لهذه الدول ويدافع عن قضاياها، وانتهاج سياسة عدم الانحياز وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية، وتنشط هذه السياسة من خلال عدد من الدوائر الخليجية، العربية، الإسلامية، الدولية. واتصفت المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية السعودية في عهده، بالانسجام مع مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، احترام مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة، العمل من أجل السلام والعدل الدوليين، ورفض استخدام القوة والعنف وأي ممارسات تهدد السلام العالمي، وإدانة ورفض الإرهاب العالمي بكافة أشكاله وأساليبه، والتأكيد على براءة الإسلام من كل الممارسات الإرهابية. والالتزام بقواعد القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية والثنائية، والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية، وعدم الانحياز ونبذ المحاور والأحلاف التي تخل بالأمن والسلم الدوليين، وتطبيق سياسة متزنة ومتوازنة في مجال انتاج وتسويق النفط. وأدار الفيصل سياسة المملكة وفق أسس ومبادئ مستقرة، إذ حرصت المملكة على التفاعل مع المجتمع الدولي من خلال التزامها بميثاق الأممالمتحدة والمعاهدات، والالتزام بعدم استخدام القوة في العلاقات الدولية وبعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وشجب العنف وجميع الوسائل التي تخل بالأمن والسلم الدوليين، والتأكيد على مبدأ التعايش السلمي بين دول العالم، والحرص على استقرار أسواق النفط العالمية، والسعي لتنمية التجارة الدولية على أسس عادلة، وصبغ السياسة الخارجية السعودية بصبغة أخلاقية من خلال تبنيها لمبدأ مساندة ضحايا الكوارث ، فضلا عن مواقفه الثابتة ورؤيته الثاقبة لقضايا فلسطين وسوريا والعراق وإيران واليمن.