* صدرت الميزانية وقد اعتمدت الموازنة التقديرية الجديدة سعرًا متحفظًا وواقعيًا للنفط وهو 75 دولارًا للعام المقبل للاحتياط بغية التحكم في الإنفاق الحكومي.. ورغم انخفاض الإيراد بسبب تراجع النفط ووصول العجز إلى حوالى 38.7 مليار دولار إلا أن الدولة قد نفذت وَعْدها في استمرار دعم المشروعات التنموية والإستراتيجية بما يحقق أهدافها الإنمائية.. وهو عكس ما كان يتوقعه المغرضون من جرّاء انخفاض أسعار النفط. * ومن خلال النظرة العاجلة في سجل أسعار النفط في العام 2014م نلاحظ أن سعر البرميل كان 107 دولارات خلال شهر يناير ثم وصل 112 في منتصف العام (يونيو) وعاد إلى التراجع في ديسمبر إلى 65 دولارًا في ديسمبر.. ولذلك راعت وزارة المالية عند التقدير للموازنة لعام 2015 التحفظ في الأسعار. * بعض الخبراء يرون أن السعودية قادرة على تعويض العجز بسهولة من خلال استخدام احتياطياتها الضخمة من صافي الأصول الأجنبية والتي بلغت 746 مليار دولار في نهاية نوفمبر الماضي وبما أن نسبة كبيرة من المصاريف مخصصة للرواتب والحوافز فإن بعض الخبراء يرون ضرورة إعادة تغيير هيكل الحوافز الاقتصادية لتشجيع الأفراد على العمل في القطاع الخاص مما يقلل من عبء مصروفات الرواتب لكن مثل هذا التغيير لا بد أن تدعمه إستراتيجية واضحة ومقننة من وزارة العمل في سبيل استجابة القطاع الخاص ولكن ليس كلّه لأن ثمة من يعاني فيه من ضائقات متعددة والأمر لا بد أن يحدّد بالشركات الكبرى والمساهمة والمشتركة فيها الدولة وأهم من ذلك البنوك التي تعمل في بيئة اقتصادية لا تفرض ضرائب ويضع أغلب أفراد المجتمع فيها أموالهم في حسابات جارية لا تبتغي منها الفائدة وترفضها وهو ما لا يتوفر في بيئات ومجتمعات اقتصادياتها قائمة على الفوائد الربوية. * بقي الإشارة إلى أهمية إعادة تغيير معايير التوظيف للشباب والشابات في القطاع الخاص فأكثر الشركات والمتاجر يعانون كثيرًا من تلك الفئة التي تتعامل معهم من فوقيه وتنتظر منهم الخطأ وتتوعدهم بالشكوى لمكتب العمل وبعضها لا يحسن الأداء، فنحن في حاجة إلى إعادة طرح ثقافة الجودة والإنتاجية لتكون أساسًا في توظيف العاطلين عن العمل فالوظيفة ليست للجنسية بل للكفاءة. * وعودة للميزانية والنفط الذي يشكل 90% من إيرادات الدولة فإن موقف المملكة في رفض طلب تخفيض حصتها من الإنتاج اليومي لعدم استطاعتها تحمّل أعباء تخفيض حصص الإنتاج وحدها دون غيرها يُعدّ بحق قرارًا شجاعًا وسياديًا وهو ما ينبغي التعامل فيه مع السوق الغربي الذي تحرص دوله على مصالحها الشخصية في حسابات العلاقات. * وفي لقاء الخبير الاقتصادي مستشار وزير النفط السعودي د. محمد الصبان مع الإعلامي المعروف عبدالعزيز قاسم. العديد من النقاط الجديرة بالتأمل فعلى الرغم من قوله: إن الركود الاقتصادي ما زال سابقًا لأوانه وفي ذلك شيء من القلق - إلا أنه أكد أن المملكة تتمتع باقتصاد أقوى وأكثر متانة مما كان عليه في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية بالإضافة إلى وجود هياكل أساسية تمّ بناؤها في القطاع الحكومي والخاص مع ارتفاع الوعي وكذلك الاحتياطات والتي سوف تستمر في تمويل الميزانية في حال استمرار انخفاض أسعار النفط.. وهو كلام يطمئن له المواطن لكن أي احتياطي لا يمكن أن يستمر إذا لم يستثمر بشكل أفضل وإذا كان الخبير قد طرح فكرة الصناديق السيادية وهي ليست بالجديدة إذ تمّ الأخذ بها في الخليج في الكويت وقطر إلا أنها تستحق الدراسة والتأمل من وزارة المالية ليس كبديل لسنابل الخير ولكن كعامل مساعد يحقق رافدًا في حال العجز وهي تصبّ بكل تأكيد في مصلحة الأجيال في قابل الأعوام. * أما المثير في حديث الخبير فهو قوله: إن المتوقع انخفاض الأسعار عالميًا نتيجة انخفاض أسعار النفط التي سوف تنعكس إيجابيًا على المواطن السعودي إذ ستنخفض أسعار السلع المستوردة لاسيما أن المملكة من أكبر البلدان المستوردة للسلع والبضائع، فكيف يمكن تحقيق هذه الاستفادة؟. - هناك تجربة وزير التجارة د. توفيق الربيعة التي أشار إليها الخبير الصبان وهي ما قام به من إجراءات صارمة في سبيل حفظ حقوق المواطن بمواجهة جشع التجار واكتشاف رفعهم غير المبرر للأسعار في وقت يفترض أن تنخفض فيه كرد فعل طبيعي لما يجري من تطورات انخفاض أسعار النفط والسلع في العالم لكن السؤال الذي نطرحه هو كيف للوزير وحده أن يصارع نمور التجار الذين يعميهم الجشع؟ في تصوري لا بد من دعم جهاز رقابة الأسعار في هذه الوزارة وتزويده بالإمكانات والسيارات والرقباء.. وآليات البحث والتواصل مع الغرف التجارية لتفعيل اكتشاف التلاعب في الأسعار ولا بد من دعم الدولة لفكرة التشهير بكبار التجار حتى يرتدع الآخرون فالمواطن يشتكي من غلاء المعيشة في كل شيء وحجة التجار أن الارتفاع عالمي!! فماذا بعد الآن؟ إن أسعار الكثير من السيارات والأثاث والسلع الغذائية والدواء المهم وغيرها في تزايد مستمر ولا بد من وقفه!. - بقي أن يتشجع الوزراء الآخرون الذين يمسهم الأمر للعمل على خفض أسعار ما يدخل تحت مسؤولياتهم حتى يستفيد المواطن. * أما النقطة الجديرة بالاهتمام فهي توقع الخبير بانخفاض أسعار العقار لكنه متفائل بالقول: إن مرور شهور دون عمليات بيع سوف يضطر أصحاب العقار إلى خفض الأسعار لتنشيط السوق، وأقول: إن سوق العقار يرزح تحت وطأة الهوامير الذين لا يهمهم الركود المؤقت فهم قادرون على الانتظار والنفس الطويل لأنهم غير محتاجين من ناحية ويستطيعون افتعال المضاربات العقارية بالبيع التبادلي الظاهري بينهم لإيهام السوق بالحركة والدوران وإسالة لعاب المترددين حتى يقدموا ويجازفوا من ناحية أخرى، وهنا لا بد من تدخل الدولة لتحقيق التوازن العقاري في السوق بفرض رسوم الأراضي الفضاء التي يشكل بقاؤها طمأنة للهامور الذي لا يهمه الانتظار حتى يخبط خبطته العقارية دون تقدير لحال الناس. [email protected]